سأعبرُ جسرَ أُمنيتي

محمود الشلبي
شاعر أردني
لا شيء عنديَ أرتضيه،
العمر قطَّبَ حاجبيه،
كأنَّ مرآةَ الزمانِ أصابها كَلَفٌ،
وما في وجهها من مائها قلاَّ.
تتغيّرُ الأيامُ، فيما وحشة السنوات
تنقلنا إلى أصداءِ سيرتنا
المنوطةِ بالحضور وبالغيابِ،
وبالطفولةِ والشباب،
تصيرُ في ماهيّةِ الأشياءِ ظِلاّ.
***
لا شيءَ عندي،
غير أنّكِ أنت عندي،
كلما حلمٌ يراودني
سأعبرُ جسْرَ أمنيتي،
بلا كللٍ، وأزرعُ في المدى نَخْلا.
قلبي غدا وطنَ السَّرابِ،
وعاد في صدري صدى السنوات
قلبي غدا وطنَ السَّرابِ،
وعاد في صدري صدى السنوات
يصدحُ في الغدوِّ وفي الإيابِ...
أنا هنا حلمٌ بلون الوردِ،
في بستانيَ الممتدِّ،
حتى رحتُ أحرسُه من النسيانِ،
والأحوالُ شاهدةٌ عليّ،
فلمْ أغِبْ، لكنَّني أعددتُ
للمضمارِ خيلا.
لي في غدي حرفٌ ينافسُ فيه حرفًا،
فاتّخذتُ قصيدتي بيتي، ولي في الشعر قافيةٌ،
تجُبُّ المستحيلَ،
ولي بهذا الأرض عنوانُ،
وذكرى، وانتظارٌ،
ظلَّ يُنْعشُها الهوى
ويُعيدها أحلى.
***
أَتأمَّلُ الدنيا مَليًّا
كم يفرقنا الزمانُ،
وكم ينوءُ بنا المكانُ،
ولم يَدُرْ في خاطري يومًا
بأني قد كبرتُ وصِرْتُ كهلاً.
لكنَّ شيئاً ما يذكرني بشيءٍ ما
ويهتفُ في دمي، ويقول لي: مَهْلاً.
ما زِلتُ فيك
مع امتداد العُمْر طِفْلا.