تدريباتٌ لونيَّةٌ بالقلمِ الرّصاص

شعر: حسن شهاب الدين

شاعر مصري

 

 

‏(1)‏

لترْسمَ كالأطفالِ نهرًا ‏

كُن الماءَ

وأشْرِعْ شبابيكًا من اللونِ زرقاء

وَصُغْ من حروفِ الأبجديَّةِ ‏

زَوْرقًا

ولوِّنْ وُجوهًا بالحنين ‏

وأسْماءَ ‏

ومُدَّ لغَرْقَى الروحِ ‏

صوتَكَ ضِفَّةً

وَضَمِّدْ بلادًا في الخرائطِ أشلاءَ

لَعَلَّكَ إنْ أصبحتَ آدمَ ثانيًا

تُعيدُ لصَحْراءِ القصيدةِ حوَّاءَ

فقد أوحشَ الفردوسُ

منذُ ارتحلْتُما

وخَلَّفْتُما تلك الخطيئةَ عذراءَ

وما زالَ يرجو اللهَ ‏

مثلكَ شاعرًا

ويفعلُ بالتُّفَّاحِ في الخُلْدِ

ما شاءَ.‏

 

‏(2)‏

لِرَسْمِ شتاءٍ

كُنْ مِظلَّةَ عاشقٍ

على سُلَّمِ الأمطارِ

طالَ انْتظارُه

وكُنْ معطفًا للغيمِ

يُدْفئُ حزنَه

فليسَ سوى بَرْدِ الرصيفِ إزارُه

وقد ضجرتْ في كفَّه الساعةُ التي..‏

يُسائلُها دومًا

وملَّ نهارُه

وتُغْمضُ أحجارُ الرّصيفِ عيونَها

لكي لا يرى دَمْعًا

بكتْه حجارُه

لِرَسْمِ شتاءٍ..‏

هاتِ شمسًا صغيرةً

وكوكبَ وقتٍ

لا يدورُ مدارُه

ودربًا ببنتٍ ما

‏ يجيءُ مُهرْولًا

وقد ضاعَ ‏

‏-في إثرِ العناقِ- مسارُه.‏

 

‏(3)‏

لترْسمَ صوتَ النّايِ

فتِّشْ بمِرْآتِكْ

هنالكَ لونٌ

غيرُ ألوانِ فُرْشاتِكْ

سَتُبْصِرُ عودَ الغابِ

منذُ اخْضرارِه

إلى أنْ يضجَّ الكونِ عشقًا

بأبياتِكْ

وَتُبْصِرُ كفَّ اللهِ

تسكبُ زيتَها

وتوقدُ شمعَ المعجزاتِ

بمشكاتِكْ

وَتُبْصِرُ كيفَ الروحُ ‏

تحيا بنفخْةٍ

وتفنَى

وتحيا

في تجلِّيه في ذاتِكْ

وتغدو بخورًا للصلاةِ قصيدةٌ

وتغدو كليمًا حينَ جئتَ لميقاتِكْ

ويُوحي إليكَ النايُ

سِفْرَ حنينِه

يفسِّرُه طفلٌ يلوحُ بمرآتِكْ. ‏