في حضورِ "سلمى الخضراء الجيوسي".

غازي الذيبة
شاعر وباحث أردني
لم تنته سيرةُ سلمى الخضراء الجيوسي، بمجرد رحيلها، فقد تركت إرثًا باذخًا من الأعمال التي وضعتها بنفسها، وأخرى أشرفت عليها، لتقدّم فيها الثقافة العربية إلى الآخر، بروح الباحثة المُجدّة، والأكاديمية الرزينة، دون أن تخلَّ بشروط هذه المهمّة التي أسفرت عن عشرات الأعمال والموسوعات.
وستظلّ منجزاتها التي خرجت إلى النور، ضوءًا قويّ السطوع في عتمة الخذلان الذي تخوض فيه الثقافة والمثقف العربي.
لقد عبرت بمشروعها الذي تفرّع وتنوّع في نقل ثقافتنا إلى العالم، آفاقًا ما كان لمؤسساتٍ عربيّة رسميّة أو غير رسميّة، أن تحقّق ولو جزءًا منه.
اليوم؛ في "أفكار"، نحاولُ إضاءةَ جانبٍ من سيرة سلمى الخضراء الجيوسي وعملها، في ملفٍ يحتفي بسيرتها ومسيرتها التي يحلم كثيرٌ منا بأن يعيشَ فصلًا منها، لما يتجلّى فيها من حيويّةٍ، وقدرةٍ على تجاوز تلك الخطوط التي حرمت ثقافتنا من أن تكون شريكًا في الثقافة العالميّة، فجاءت هي لتسهم ببلورة صورة للعربي المتحضر والمثقف، العربي الذي يملك ما يملكه سواه معرفيًّا، وقد يتجاوزه، وأنَّه صاحب دور وشراكة في هذا العالم.
لا نودع سلمى الخضراء الجيوسي، بل نحتفي بها، فهي لم تغادرنا، لقد تركت لنا الكثير مما يمكن أن نبني عليه، وأن نمتثل هذا الجهد الفريد الذي أقدمت على بذله، لرسم صورةٍ جميلةٍ لنا، بعيدًا عن التلطّي في زوايا التردّد والعجز.