عمرٌ تكبّلَ بالحذر

 

شعر: محمد ياسين

شاعر أردني

 

على عجلٍ... ‏

تسرَّبَ من يدي عمرٌ على عجلٍ

وما في الكفِّ من أثرٍ سوى بللٍ

وبي ظمأٌ لقافيةٍ ‏

وفجرٍ من شِباكِ الليلِ ما طلعا

‏**‏

فلم أكتب سوى سطرينِ مرتجفينِ

من ترتيلةِ الأشواقِ

ما أطلقت عنقائي التي اكتملت

رمادًا من حريقِ الشوقِ ما هجَعا

‏**‏

ألبِّدُ في جِرارِ‎ ‎الصَّمتِ أحلامي.. أعتِّقها‏

وأمشي مثقلًا بالجمرِ

أنكرُ وهجيَ الوضّاحَ والوجعا

‏**‏

أعيديني إلى لغتي... ‏

أعيديني لقافيتي التي ضيّعتها

في لجّةِ اليأسِ

أعيديني إلى نفسي

لأكسرَ غفلةَ الأمسِ

وأُمسي حينما ألقاكِ أكثرَ جرأةً منّي.. ‏

وأكتبَ دونما حذرٍ

أعيديني إلى عينيكِ كي أجتازَ حدَّ العُرفِ

‏ في رأبِ الذي صُدِعا

‏**‏

أعيديني لأكتبَ ‏

مستمدًّا بارقَ الإحساسِ من إيماءةٍ أرسلتِها

وأضأتِ لي في لحظةٍ خلفَ الخِبا شيّا

ألا مدّي سبيلًا من شعاعِ الروحِ بي ‏

وِرْدًا من الآياتِ كي أحيا

فأنتِ المنهلُ الوضّاءُ والسُقيا

وأنتِ السرُّ بي مع بوحيَ اجتمعا

‏**‏

على حدِّ القصيدةِ واقفٌ ‏

أتفقَّدُ المعنى

وأنبِّشُ الكلماتِ والصورا

فإن ألفيتُ شاردةً.. أقوِّمها‏

وأسترُ بالمجازِ جموحَـها

وأهدهدُ التّصريحَ إن نفرا

لتمسي في كوامنِها.. ‏

كمائنَ توجبُ الحذَرا

نعم.. أُخفيكِ طيَّ قصيدتي

لأذودَ عنكِ اللومَ.. لا هونًا، ولا جزَعا

‏**‏

أطوِّعُ كلّ يومٍ فيكِ أحلامي

وأضبطُ ذروةَ الإيقاعِ والشَّـغَفا

وأصمتُ حائرًا، متحسّرًا، متعثّرًا بمشاعري

أمشي إليكِ وأنتِ قربي

تائهٌ... تتشتّتُ الأضواءُ بي

لا أبصرُ الهدفا

أُدثّرُ ما تجلّى من ذهولٍ في دمي بالصّمتِ

أعلم أن خلف الصمتِ فيما بيننا ميقاتُ قنبلةٍ

وجلجلةٍ، وأسئلةٍ مدججةٍ

وأجوبةٍ مؤولةٍ

وعاصفةٍ تقوِّضُ حلمنا

تغشاهُ إن سطَعا

‏**‏

على وجلٍ... ‏

أهشُّ ظعائنَ الأفكارِ.. أرجئُها

سوى ما انسلَّ من طيفٍ لمهجعها

وأطوي الليلَ مع حلمٍ تجشّمهُ

وأذرو السهدَ

أُمسكُ رغبةَ البرّاقِ

أطلقُ طائرَ الأشواقِ

أطفئُ لوعتي بالذِّكرِ

مع إيماءةِ الفجرِ

‏**‏

بلا كللٍ... ‏

أقيمُ على شفا حلمٍ

يطلُّ على سماءٍ لازوردية

أراكِ فراشةً ‏

من سدرةِ الأضواءِ قادمةً

تضيئينَ الدُّروبَ المستحيلةَ

والزمانَ الوعرَ ‏

من قلبي إلى عينيكَ بالتبرِ

فأمشي.. والقصيدةُ عجّلت قبلي حضورًا

بثّتِ الولَعا

‏**‏

وحيدٌ ها هنا

لا دربَ يوصلني هناكَ

وأطبقت حولي المتاهةُ ‏

الجهاتُ اسّاقطت‎ ‎في الغيبِ

والدنيا أدارت ظهرَها وتولّتِ

نشرَ الفراغُ طيوفهُ

غشّى المدى صمتٌ

سوى نفحٍ شهيٍّ فرَّ من تنهيدةٍ

واجتازَ حدًّا ‏

أسقطَ المحظورَ.. نزَّهَ زلّتي‏

فعلمتُ أن قصيدتي في حِجرها

خلعَت قميصَ مجازِها

فغدوتُ طيرًا في أعالي الجنّةِ

‏**‏

ما ضرَّني ‏

لو أنني خبّأتُ برقي في تخومِ الغيمِ

أو أرجأتُ إشعالَ الفتيلِ إلى غدٍ.. ما ضرّني

فهناكَ يومٌ لي

تسلّلَ جانحًا عن زمرة الأيامِ ‏

خلفَ الغيبِ والتفَعا.‏