قراءة في كتاب ‏ ‏"الإنسان العاري- الديكتاتورية الخفيّة للرقميّة"‏

‏"مارك دوغان" و"كريستوف لابي"‏

ترجمة: سعيد بنكراد

 

د.الخامس مفيد

كلية الآداب- الجديدة- المغرب

يبيِّن هذا الكتاب مدى هيمنة شركات مثل "غوغل" على العقول، فالفضاء الافتراضي الرقمي ‏بقدر ما يوفِّر لنا متعة التواصل فإنه يمثِّل حلقة من حلقات "الدكتاتوريّة الخفيّة" التي تتحكَّم في ‏عالمنا وعقولنا وطريقة تفكيرنا وسلوكنا، فكل خصوصيّاتنا بيد شركات الاتصالات التي ‏نجحت في الاستحواذ على مجمع العالم الرقمي. وفي هذا الكتاب ما يؤكد أنَّ الإنسان المعاصر ‏مكشوف حتى في مشاعره. تقدِّم هذه القراءة أبرز الطروحات التي جاء بها المؤلفان.‏

 

لقد أرغمت الثورةُ الرقميّة بخوارزميّاتها المتطوِّرة البشريّةَ على تقديم معلوماتهم الصحيّة ‏والنفسيّة والفكريّة طواعيةً ودون إكراه، حيث يتم تجميع هذه المعلومات الهائلة، لكي يُراقَب ‏العالم ويوجَّه بحسب مصالح الرقمنة. فالمعلومات التي يقدِّمها المبحرون تُجمع وتخزَّن، لتُباع ‏إلى الشركات، بهدف مساعدتها على فهم عادات المستهلكين وتحرُّكاتهم وعلاقاتهم الاجتماعيّة.‏

بفضل المعلومات الضخمة أو البيانات الضخمة "بيغ داتا"، يطمح "غوغل" إلى مواجهة الموت ‏وتحقيق الخلود بمساعدة الآلة. لكن سعادة الرقمنة، تخفي وراءها شقاء المراقبة الشاملة لعادات ‏وتقاليد وسلوك الناس بشكل مستمر دون كلل وملل. ‏

 

الإرهــــاب والـ"بيغ داتا"(*)‏

أدَّت أحداث 11‏‎ ‎سبتمبر/ أيلول ‏‎2011‎‏ إلى تعزيز المراقبة الشاملة حفظًا للأمن والسلام، غير ‏أنَّ مراقبة الرقمنة لم تفلح في وقف نزيف دم الأبرياء. فبعد أحداث ناطحة السحاب الإرهابية، ‏صُدم العالم بحدث سباق بوسطن 2015، وأحداث الطبيب العسكري في قاعدة تكساس.‏

لقد تمنَّت أوروبا المراقبة الشاملة، وعدَّتها وسيلة فعّالة للوقاية من الإرهاب، ودعمت أحداث ‏‏"شارلي إيبدو" الإرهابية فكرة المراقبة الشاملة في فرنسا. وعلى الرغم من المراقبة استمرَّت ‏الاعتداءات، وكانت مجزرة 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 أكثرها دموية. فعلى الرغم من ‏مجهودات "البيغ داتا" (البيانات الضخمة) ودون رغبة منها، إلا أنها تنشر الرعب في قلب ‏المجتمعات الغربية، ناهيك عن انتقال الفيديوهات الدعائية من صفحة إلى أخرى.‏

 

كيف تـــنظر الـ"بيغ داتا" إلى العالم

لقد أضحى "البيغ داتا" (البيانات الضخمة) يتحكم في موقعنا وما تشتهي أنفسنا من أكل ‏ورياضة وحب، حيث توجِّهنا وتخبرنا بالأكلة المفضَّلة وموعد الحصة الرياضية. كل ذلك ‏على حساب الحياة الخاصة. فالعالم أصبح مُراقبًا ومتحكَّمًا فيه. وتجمع "البيغ داتا" هذه ‏المعطيات التي ينشرها المبحرون، فالاستهلاك والبيع والشراء والصحة والحب كل ذلك تتم ‏دراسته. فكل شيء يمر عبر الرقمنة.‏

تستغلّ الشركات الخاصة هذه المعطيات من خلال معرفة مطالب واحتياجات المستهلك، ‏وتعمل "آبل" و"ميكروسوفت" و"غوغل" و"فايسبوك" على بيع هذه المعلومات إلى الشركات ‏الخاصة. فأدوات الحصول على معلومات المستهلكين هي بين أيدي عمالقة النت، ولم تعُد في ‏ملك الفرد. فسلطة الدولة في نظر "البيغ داتا" بشكلها الحالي، يجب القضاء عليها، والحكومة ‏صناعة غير فعّالة، والديمقراطية لم تعُد ملائمة، والنظام السياسي الحالي تقادَم ووجب تغييره.‏

يدعو عمالقة الرقمنة إلى خلق أمة عمادها الشركات، وتكنولوجيا تواكب العصر، فالشركات ‏غير القادرة على مواصلة الركب، ينبغي التخلي عنها، وخلق شركات جديدة تواكب مستجدات ‏الرقمنة، فالديمقراطية في نظر "البيغ داتا" أصبحت متهالكة، والمواطن بالفهم الهيليني لم يعُد ‏صالحًا.‏

 

نبوءة أفلاطون ‏

أضحت البشرية مرتبطة أشد الارتباط بالصورة، وشجَّعها على ذلك "السمارتفون" الذي يخزن ‏عددًا لا يحصى من الصور التي يتم تقاسمها عبر العالم الافتراضي. فلم يعد التركيز على ‏اللحظة، بل على وجهها الرقمي، فلا قيمة للحظات والأحداث دون تحويلها إلى صور ‏وفيديوهات. وقد تؤدي رقمنة العالم دون شك إلى الهروب من الواقع.‏

وبفعل تحكُّم الافتراضي في الواقعي، كما تنبأ أفلاطون في "أليغوريا الكهف"، أصبح الناس ‏يكرهون الواقع بتعقيداته وعيوبه، وقد أدّى الافتراضي إلى الاستغناء عن الواقعي، فلا حاجة ‏للدخول إلى متحف "بروجي"، ما دام الأمر يحتاج إلى نقرة واحدة لمشاهدة مئات الصور. إن ‏الانفصال عن الواقع انفصال عن أنفسنا، فمجانية الافتراضي تخضع لمقايضة هويتنا الرقمية ‏التي تباع عدة مرات، نتيجة خضوعنا للآلة، ففتح حساب في "فيسبوك"، يتطلب تقديم ‏معلومات شخصية، وبعدها يمكنك الإبحار.‏

 

الميثاق

أدركت الاستعلامات الأميركية منذ نهاية التسعينات ضرورة التمكُّن من مراقبة أخبار العالم ‏من خلال مخطط "معلومة/ هيمنة". وفي هذا السياق تأسس ميثاق بين مصالح الاستخبارات ‏والتكنولوجيا الجديدة، وبفعل الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها أميركا، تم توسيع مجال ‏المراقبة. ويشبّه كتاب "الإنسان العاري" عملية الولوج إلى الشبكة بتحالف أو ميثاق مع ‏الشيطان، حيث يقايض الإنسان هويته الرقمية بعدد من الخدمات المجانية‎.‎

عملت الناسا جاهدة من أجل التنصت على العالم، حيث تم رصد أموال طائلة بهدف مراقبة ‏مكالمات العالم، وقراءة الرسائل، فجميع المعلومات تمر عبر تراب العم سام، حيث إنَّ لـ"البيغ ‏داتا" والاستخبارات الأميركية مستقبل مشترك في مجال جمع المعلومات العالمية ومعالجتها.‏

لقد أضحى الهاتف المحمول في ظلّ الرقمنة جاسوسًا في جيوبنا، أي ما يعادل عاملًا ‏في"ناسا" الأميركية، إنه ضابط حياتنا الذي لا تخفى عنه أي معلومة. وأصبح بإمكان الإنترنت ‏نسخ الأفراد، لكونه يعرف كل شيء عنهم. وقد أدرك الفاعلون في النت أهمية جمع المعلومات ‏وتنظيمها لبيعها.‏

تتعامل الآلة مع الفرد بوصفه مستهلكًا، فهي تعرف تاريخ ميلاد الفرد وصوره الشخصية ‏واهتماماته، وتباع هذه المعطيات للشركات، بهدف طرح منتوج يتناسب ورغبات الأفراد، ‏ولمراقبة المبحرين تمّ تخصيص مبحرين لهذا الغرض، فمنهم المختص في مراقبة عشاق ‏القراءة، وهناك مَن يراقب الأذواق الموسيقية.‏

لقد دخلنا فعلا مرحلة المراقبة الشاملة التي أصبحت معها الحياة الخاصة حالة شاذة. فالمراقب ‏قديمًا كان معروفًا، أما المراقب الرقمي فمجرّد ولا يعرف زمن الراحة والتغيير، فضمان حياة ‏خاصة في ظل هذه الظروف يبدو أمرًا مستحيلًا. لكن المدهش في الأمر أن عمالقة النت الذين ‏يبشرون بنهاية الحياة الخاصة، يعملون جاهدين كي لا يعرف الناس عنهم أي شيء.‏

 

الـثرثرة الرقميّة

بفضل كثرة اللاقطات والشرائح المستقلة، أصبح محيطنا يتجسس على أفعالنا وحركاتنا عن ‏طريق تجميعها وإرسالها. وبهذا الفعل تكون الرقمنة قد التهمت العناصر الواقعية، فقد وصلنا ‏إلى عالم تفكر فيه الأشياء وتتخذ القرار بمعزل عن الذات البشرية.‏

إنَّ الوعد الذي وعدتنا به الرقمنة لتسهيل حياتنا، في واقع الأمر ليس سوى خدعة لجعلنا ‏مستهلكين مهووسين بالشراء عن طريق "نقرة- شراء". وبفضل "البيغ داتا" تمكنت الماركات ‏العالمية من كسب ثقة مستهلكيها، كما أنها تسعى إلى تحقيق حلم المدن "الذكية"، حيث تكون ‏المصابيح والشوارع والأرصفة بمثابة مخبرين.‏

لقد فُوض أمر الحكامة جزئيًّا إلى الآلات، لكونها في نظرهم أكثر فعالية من الإنسان، وتحكم ‏نفسها دون أيديولوجيا وبرنامجها الوحيد تحقيق المردودية، هي ليست مدينة مواطنين، بل ‏مدينة مستهلكين فقط. فالفضاء الرقمي في نظر "البيغ داتا" آمن، لأنه مراقب. فوضعت شركة ‏الملابس "جيمو" معطفًا للصغار يحدد أماكن تواجدهم، هذا فضلا عن وجود لاقطات لمراقبة ‏السعرات الحرارية وتسجيل دقات القلب وضغط الدم. ‏

 

عــــشاء الملوك

شكَّل عشاء الملوك الذي جمع عمالقة النت بالرئيس الأميركي "أوباما"، منعطفًا حاسمًا في ‏استيلاء "البيغ داتا" على السلطة، حيث تمكنت شركات وادي السيلكون من صياغة انتصار ‏‏"أوباما"، وذلك من خلال معالجة مليارات المعطيات التي تم تجميعها من تعليقات المبحرين ‏المفترض تصويتهم على الديمقراطيين.‏

منذ قرابة قرن من الزمن، يستعين رجال السياسة بمعاهد تستطلع الرأي، وتتنبأ بنتاج ‏التصويت، أما حاليًّا فإنه وبناء على معطيات المبحرين، يمكن لعمالقة النت أن يساهموا في ‏صنع الخريطة الانتخابية. وقد مكَّن الاتصال بين "البيغ داتا" والسياسة من تزايد مراقبة الطبقة ‏السياسية، وأضحت شركات النت تطعن في شرعية الحكومات المنتخبة. فلم تعد السلطة بيد ‏رجل السياسة، بل بيد الشركات العملاقة.‏

 

مؤامرة 0 و1‏

نجحت الثورة الرقمية من خلال 0 و1 فيما لم نكن نفكر فيه أبدًا عن طريق تمثُّل كل ‏المعلومات كيف ما كانت طبيعتها، حيث حلّت اللوغاريتمات محلّ المؤرخين. إنَّ معنى الأشياء ‏في نظر "البيغ داتا"، ينبثق من الكَمّ، فكلما كانت المعطيات قابلة للغربلة، كلما كانت هناك ‏نتائج. ويرى المعلوماتيون أنَّ العالم يجب أن تحكمه الآلات، وتقرِّر في حاله وأحواله، لكنَّنا قد ‏نفقد السيطرة على الآلات التي تراقبنا.‏

لقد تحوَّل البشر إلى عبيد للآلة، فقوّة الحساب الذهني ضعيفة بالمقارنة مع الحاسوب من حيث ‏الذاكرة، لكون العقل البشري مصمم للاحتفاظ بما هو في حاجة له فقط. أي كل ما فيه وعي ‏ومعرفة وانفعال.‏

 

المستقبل معادلة

تستعين الشرطة ببرنامج الـ"بيغ داتا" لتحليل الجريمة واستباق وقوعها، بل والتعرُّف على ‏الأماكن الأكثر احتمالية للجريمة من خلال تصنيف الساكنة بحسب خريطة المجرمين. وتمّت ‏الاستعانة بالجرائم القديمة لتحليل الجرائم القادمة، أي توقع أحداث إجرامية بالاعتماد على ‏المعطيات السابقة، وهو ما يمكِّن من القبض على المجرمين قبل قيامهم بالجريمة من خلال ‏تحليل لغتهم الجسدية وحركاتهم المشبوهة.‏

ونتيجة اعتماد برامج "بيغ داتا"، ارتبط الجرم بالنوايا بدل الأفعال، ومبرِّرهم في ذلك محاربة ‏الإرهاب، حيث يمكن تقديم شخص للعدالة إذا ما ظهرت نيّته في فعل الجرم. فلم يعد العقاب ‏مرتبطًا بالجرم، بل بالنيّة.‏

 

أسـياد الـزمن

تعمل "بيغ داتا" من أجل إيجاد حل للنوم لكونه وقتًا ميتًا، لا يدرّ أيّ ربح. وقد تمَّ تقليص ‏ساعات النوم مؤخرا بفعل تطور التكنولوجيا، وتسعى "بيغ داتا" إلى جعل النوم حالة شاذة ‏وعلى المرء أن يعيش بشكل مستمر.‏

تعتقد "بيغ داتا" أنها قادرة على تمديد الحياة، أي القضاء على الموت من خلال علامات ‏بيولوجية تقدم مؤشرات على ظهور أمراض تنفسية أو سرطانية. وبهذا العمل وغيره، تسعى ‏‏"بيغ داتا" إلى السيطرة على الصحة، حيث تحلّ الآلة محل الطبيب، كما أنها تحاول خلق جنود ‏فائقي القوة وتطوير حواسيب تتطور بالتعلُّم. فبعدما كان العلم في خدمة الإنسانية، سيصبح ‏حكرًا على فئة معيّنة.‏

 

الـبطالة الشاملة

تتجلّى غاية "بيغ داتا" في تحقيق بطالة شاملة من أجل سيادتها، فهناك مشروع لجعل الروبوت ‏يتعلم من تلقاء نفسه بواسطة لوغاريتمات تطوُّرية. لقد دخلت "الروبتة" في تنافس مع ‏البشرية، فتطوُّر الدول في المستقبل رهين بتطوُّر الروبوت الذي حلّ محلّ الإنسان في ‏مجموعة من الوظائف، فلم تعد الغاية منه مساعدة الإنسان، بل الإحلال محلّه.‏

يسعى الكثير من الاقتصاديين في إطار "التدمير الخلاق"، إلى تدمير الوظائف القديمة، وخلق ‏وظائف جديدة أكثر قيمة. ونتيجة لذلك، أفلست العديد من القطاعات كالصناعة الموسيقية ‏والفيديو، ففي ظرف عشر سنوات فقدت نصف العاملين فيها. وفي مجال الشغل، فإنَّ "بيغ ‏داتا" هي مَن تحدِّد قواعد اللعبة بعيدًا عن النقابات. وتبعًا لهذا المسار، فنصف الوظائف مهدَّد ‏بالاختفاء (المترجمون، سعاة البريد، الأطباء...).‏

 

أستهلك وأتلصَّص وألعب

تسعى "بيغ داتا" إلى فهم انفعالاتنا، ويُعدُّ "فايسبوك" من الأوائل الذين استثمروا في ذلك، من ‏خلال اعتماده على لوغاريتمات قادرة على التعرُّف على الأحاسيس من خلال الكلمات ‏والسياق، والغاية في ذلك كشف الانفعالات بهدف مراقبتها واستغلالها.‏

تستطيع اللوغاريتمات تحديد نوع الكتب والموسيقى والأفلام التي تميل إليها انفعالاتنا، ‏فالبرامج الحاسوبية لها القدرة على معرفة نوع الكتب المحبوبة لدى المبحرين. لقد علمتنا "بيغ ‏داتا" عدم الانتظار، بحيث لم نعد قادرين على تأجيل رغباتنا، إنه"هذيان الرغبة". وهناك ‏لوغاريتمات متخصصة في الأخبار، تستند على تعليقات المبحرين.‏

وتسعى "بيغ داتا" من خلال الحكمة 0.2 إلى مساعدة الناس للتغلب على الضغط النفسي، ‏والإحساس بالسعادة والاطمئنان، كل هذا من أجل أن لا يحس عمالقة النيت بالانفجار النفسي. ‏وتهدف الحكمة 0.2 إلى أنَّ الفرد الذي له مردودية هو الفرد المتصل، وقد عملت شركة في ‏وادي السيلكون على صنع علبة تشير إلى ارتفاع الضغط لدى الفرد.‏

وفي ظل تطور الآلة تحول العمال إلى رياضيين محكوم عليهم بالسرعة في عملهم، وبهذا قد ‏تكون الحركة في كل مكان لكن لا قيمة للغاية، وعلى البشرية أن تعيش بلا أخطاء وأن تقبل ‏بزيادة ساعات العمل، ومزج ساعات العمل والتسلية والراحة.‏

 

عــودة عـوليس

لقد جعلت "بيغ داتا" والجهاز الأمني من الـ"هاكر" عدوًّا وخائنًا للوطن، مصيره النفي أو ‏السجن. لكنَّ الصورة التي رُوِّجت عنهم غير صحيحة، فهم ضروريون بالنسبة للمواطنين ‏لتعليم الآخرين تقنيات الدفاع الذاتي الرقمي.‏

إنَّ تقنية الدفاع الذاتي لا تروق الوكالات الاستخباراتية التي تطمح إلى معرفة شاملة عن ‏الأشخاص، وقد تم تصميم برنامج "ديب ويب" من أجل حماية الحياة الخاصة للمعارضين.‏

إنَّ الثورة الرقمية تسير بنا نحو عالم يكون فيه الإنسان مفصولًا عن نفسه، وقابلًا للمراقبة ‏الشاملة من دون إكراه أو عنف جسدي. فالذهن البدائي والحياة الخاصة والروح النقدية ستنتهي ‏عاجلًا. ويقدم "بيغ داتا" نفسه على أنه عالم غير مقلق وغير عنيف، لكن سيرورة مراقبة ‏الأفراد لا رادّ لقضائها. فلا وجود لنص تشريعي يوقف هذه المراقبة، سيكون العمل مخصّصًا ‏لنخبة معيّنة، أمّا الباقي فسيعيش تحت وطأة البطالة الشاملة، بذريعة التطوُّر.‏

‏- - - - - - - - - - - ‏

‏(*) "بيغ داتا" ‏big data‏ (البيانات الضخمة): يتعلق الأمر بكل المعطيات التي يتركها المبحرون في الإنترنيت عبر فايسبوك ‏وآبل وغوغل وأمازون وتويتر. فهذه المواقع تبرم مع المبحر عقدًا إذعانيًا يسمح بموجبه لهذه المؤسسات أن تستعمل معطيات ‏حياته الخاصة جزئيًّا أو‎ ‎كليا وتبيعها للمصالح الاستخباراتية وللمؤسسات التجارية.‏