رِسَالَةُ مُغْتَرِبٍ إِلَى وَطَنِهِ

 سعيد أحمد يعقوب
شاعر أردني

وَقَفْتُ أَتْلُو بِمِحْرَابِ الهَوَى سُوَرا // وَأَنْثُرُ الَّلحْنَ فِيْ سَمْعِ المَدَى عَطِرا

هَذِيْ المَلَامِحُ تَغْوِينِيْ بَرَاءَتُهَا // فَأَشْرَبُ الحُسْنَ كَأْسًا تُلْهِمُ الفِكَرا

نَوَافِذُ الرُّوحِ لِلْإِلْهَامِ مُشْرَعَةٌ // تُنَادِمُ الَّليْلَ فِيْ اسْتِدْرَاجِهِ سَهَرا

نَامَتْ عَلَى صَدْرِهَا الأَزْهَارُ حَالِمَةً // فَاسَّاقَطَ الوَحْيُ مِنْ فَيْضِ الرُّؤَى مَطَرا

وَالشِّعْرُ قِيثَارَةٌ ثَارَتْ مَوَاجِدُهَا // وَرَاحَ يَرْسُمُ مِنْ أَنَّاتِهَا صُوَرا

كَأَنَّ بَوْحًا شَفِيفًا فَاحَ مِنْ شَفَةٍ //أَوْ أَنَّ قَلْبًا بِعُودٍ حَرَّكَ الوَتَرا

مَوَاسِمُ الحُبِّ قَدْ لَاحَتْ مَوَاكِبُهَا // فَانْثُرْ عَلَيْهَا الشَّذَا وَالوَرْدَ وَالزَّهَرا
********
يَا مَوْطِنِيْ أَيُّ سِحْرٍ فِيكَ أَوْثَقَنِيْ // يَا حَظَّ مَنْ بِرُقَى إِغْرَائِهِ سُحِرا

تَأْتِيْ عَلَى البُعْدِ طَيْفًا يَسْتَثِيرُ دَمِيْ // فَأَيُّ نَافِثِ سِحْرٍ هَا هُنَاكَ أَرَى

كَأَنَّنِيْ مُبْصِرٌ شَمْسًا بِغُرَّتِهِ // أَوْ أَنَّنِيْ رَامِقٌ مِنْ وَجْهِهِ قَمَرا

كَأَنَّنِيْ رَاشِفٌ مِنْ مَائِهِ عَسَلًا // وَمِنْ صَبَاهُ نَشَقْتُ المِسْكَ مُنْتَشِرا

حَتَّى الحَصَى فِيهِ عَيْنِيْ لَا تَرَاهُ حَصَىً // لَكِنْ تَرَى العَيْنُ فِيْ هَذَا الحَصَى دُرَرا

كَمْ فَاحَ هَذَا الثَّرَى مِنْ رَوْضِ عِزَّتِهِ // وَكَمْ عَلَيْهِ دَمٌ لِلْأَنْقِيَاءِ جَرَى

طَافَتْ بِتُرْبَتِكَ السَّمْرَاءِ أَوْرِدَتِيْ // حُبًّا أَرَاهُ قَلِيلًا كُلَّمَا كَثُرا

*******
أَكْبَرْتُ قَدْرَكِ يَا أَرْضًا أُقَدِّسُهَا // كَمْ حَجَّ قَلْبِيْ لَهَا فِيْ البُعْدِ وَاعْتَمَرا

كَمَسْقَطِ الرَّأْسِ مَا فِيْ الأَرْضِ مِنْ جِهَةٍ // أَغْلَى عَلَى القَلْبِ ...مَهْمَا نَاظِرِيْ نَظَرا

مَلْهَى الصِّبَا كَمْ عَلَى أَوْرَاقِهِ بِيَدِيْ// نَقَشْتُ مِنْ ذِكَرٍ ...مَا أَطْيَبَ الذِّكَرا

مَغْنَى الشَّبَابِ، وَأَيَّامُ الشَّبَابِ رُؤَىً // مِثْلُ النَّسِيمِ بُكُورًا فِيْ الجِنَانِ سَرَى

وَاللهِ مَا غِبْتِ عَنْ سَمْعِيْ وَلَا بَصَرِيْ // لَا أَوْحَشَ اللهُ مِنْكِ السَّمْعَ وَالبَصَرا