شخصيّات إعلاميّة الإعلاميّة القديرة جمان مجلي الخريشة

أوَّل مَن قدَّم برنامج "يسعد صباحك" على شاشة التلفزيون الأردني

 

عامر الصمادي

إعلامي ومدرب دولي ومترجم وكاتب أردني

 

 

بدأت جمان مجلي مسيرتها الإعلاميّة في أواخر عام 1973 في الإذاعة الأردنية، فبدأت ‏بقراءة النشرات وموجز الأخبار والاشتراك في البرامج، ثم قدّمت وأعدّت عشرات البرامج ‏المميَّزة التي كان في مقدّمتها برنامج "البثّ المباشر" وهو أوَّل برنامج إذاعي يُبثُّ على الهواء ‏مباشرة، وفي عملها التلفزيوني كانت أوَّل مَن قدَّم برنامج "يسعد صباحك". شاركت مجلي ‏في العديد من الندوات والمؤتمرات وفي ترتيب خطط عمل إعلاميّة للكثير من القضايا على ‏المستوى المحلي والعربي والدولي. كما كانت واحدة من نُخبة الإعلاميين الذين أسّسوا إذاعة ‏القوات المسلحة- الجيش العربي، وعملت فيها على مدى عشرين عامًا (1998- 2018).‏

 

 

لعلَّ اسم "جمان مجلي" من الأسماء التي انطبعت بذاكرة كل مستمعي الإذاعة الأردنية منذ ‏بداية السبعينات من القرن الماضي، وبقي اسمها يعيش معهم حتى يومنا هذا؛ خاصة بعد أن ‏انتقلت للشاشة وقدَّمت برامج تلفزيونية متعددة زادت من شعبيّتها وتعلُّق الناس بها. وما زلتُ ‏أذكُرُ أنَّني عندما كنت فتى صغيرًا في بداية تفتُّح الوعي كنتُ أصحو صباحًا على صوت ‏الراديو في بيتنا يصدح عاليًا بانتظار نشرة السابعة صباحًا التي كان والدي رحمه الله يحرص ‏على سماعها قبل خروجة للعمل، فكنتُ أستمعُ لها، وبعدها مباشرة يبدأ برنامج "البثّ ‏المباشر" الذي كان أشهر برامج الإذاعة وقتها، وكان يلفت انتباهي اسم (جمان مجلي) عندما ‏إذاعة أسماء مقدِّمي البرنامج، فكان الاسم يثير ببالي تساؤلات عن معناه وأصله ومَن قد تكون ‏صاحبته، ولم أكن أعلم أنها شابة صغيرة وقتها التحقت للتوّ بالإذاعة الأردنيّة في أواخر العام ‏‏1973 بعد تخرُّجها في الجامعة الأردنيّة مباشرة.‏

وعندما كبرتُ وعملتُ بالتلفزيون الأردني كان من محاسن الصُّدَف أن تستضيفني جمان ‏مجلي في أحد برامجها وتُجري معي لقاءً مطوّلًا كان من أفضل المقابلات التي أجريتها في ‏حياتي، وما زلتُ أحتفظ بتسجيل له حتى اليوم.‏

 

البدايات ‏

وُلدت جمان مجلي لعائلة متعلِّمة ومن أوائل مَن آمنوا بحق المرأة بالتعليم، فجدّها كان وزيرًا ‏للمعارف (التربية والتعليم)، ووالدتها من مؤسِّسي التعليم بشرق الأردن، وعمَّتها أوَّل معلمة ‏للثانوية بالأردن أيضًا. تقول جمان عن بداياتها:‏

‏"لم أكن أدري أنَّ المقدمات في المدرسة وفي الجامعة والبيت كانت تهيئة لدخولي عالم ‏الإعلام؛ ففي المدرسة كان يوكل إليّ قراءة الدروس وإلقاء الشعر والمسابقات الشعرية، وفي ‏الجامعة كنتُ مهتمّة بقضايا الناس والقضايا المحليّة. أمّا البيت فكان البذرة التي أنبتت الشعور ‏بأهميّة العلم واللغة العربية وتذوُّق الآداب بكل أشكالها، فعائلة والدتي من مؤسِّسي التعليم في ‏شرق الأردن، ووالدتي خرّيجة مدارس الشميدت في القدس، ومعلمة لغة عربية في الأردن ‏في الأربعينات من القرن الماضي، وعمتي زينب أبوغنيمة هي أوَّل معلمة ثانوية في الأردن، ‏والعائلة كلها تحرص على العلم ومهتمّة بالقضايا العامة ويحمل أفرادها شهادات متقدّمة في ‏ذلك الوقت، إنها عائلة أبوغنيمة.‏

أمّا والدي عبدالله مجلي الخريشه، فقد كان مديرًا للعمليات الحربية وخريج ثانوية إربد، ثم ‏تخرّج في كلية كمبرلي العسكرية في بريطانيا، ولكنه توفي صغيرًا وكنتُ في الثامنة من ‏عمري وقتها".‏

تخرَّجَتْ جمان في الجامعة الأردنية واختارت دراسة الإدارة العامة والعلوم السياسية لأنها ‏كانت ترغب بدخول سلك الخارجيّة لتصبح سفيرة لبلدها، ولكن إرادة الله شاءت أن تلتحق ‏بـِ"إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية" صوت الأردن الرّسمي.‏

 

بدايات العمل الإذاعي

بين الدهشة، والرغبة في التميُّز بين المتميزين، بدأت مسيرتها الإعلاميّة في أواخر عام ‏‏1973 في الإذاعة التي كانت منبرًا ثقافيًا وسياسيًّا واجتماعيًّا، ليس في الأردن فقط، وإنَّما ‏كانت هذه الإذاعة مسموعة ومُتابَعة في العديد من الدول الشقيقة.‏

ومن الأسماء التي تذكُرُها جمان في تلك الفترة من العاملين بالإذاعة: سليمان المشيني، محمود ‏فضيل التل، عزالدين المناصرة، تيسير السبول (توفي في 15-11-1973)، نايف أبوعبيد، ‏عائشة التيجاني، معاذ شقير، جبر حجات، سلامة محاسنة، علي غرايبة، فؤاد الشرع، سلوى ‏حداد، ليلى القطب، هدى السادات، كوثر النشاشيبي، والكثير من المبدعين الذين استفادت من ‏خبرتهم واستفزّوا في داخلها الرغبة في التميُّز والتجديد والاطِّلاع. وكانت الإدارة حريصة ‏على التدريب والاستعانة بالخبرات العربية لتنمية مهارات الإعلاميين بدورات تدريبيّة مهمّة ‏وتذكر جمان: "من أهم المدرِّبين يومها الأستاذ حمدي قنديل، الإعلامية الرائعة أميمة ‏عبدالعزيز، صلاح عويس، معاذ شقير، صلاح أبوزيد وغيرهم من الإعلاميين أصحاب ‏المعرفة والخبرة". كان التدريب على المستوى الفني بالإضافة إلى حوارات معمَّقة لتبادل ‏الأفكار حول الأحداث والأوضاع الاجتماعية والثقافية والسياسية.‏

بدأت مسيرتها بقراءة النشرات وموجز الأخبار والاشتراك في البرامج التي كان في مقدّمتها ‏برنامج "البثّ المباشر" والذي كان أوَّل برنامج يُبثُّ على الهواء مباشرة ويربط المواطن ‏بالمسؤول لحلّ قضاياه. كان البرنامج يحتوي في بدايته فقرات صباحيّة يعدُّها زملاء ‏متخصصون منهم فؤاد الشرع وكرم رضا فضة. وقد كان برنامج "البث المباشر" بالنسبة لها ‏مدرسة تضمُّ المادة المكتوبة واللقاء الهاتفي والميداني.‏

التحقت بعدها بدورة في الإذاعة البريطانية ‏BBC‏ لمدة أربعة شهور، بمشاركة عدد من ‏الإعلاميين من مختلف دول العالم، وكانت فرصة ثمينة للتدريب الإعلامي وللتعرُّف على ‏ثقافات وتجارب الآخرين من بلجيكا، بيليز، البيرو، كينيا، الهند، زامبيا، سانت فينسنت، ‏غانا، أفغانستان، وغيرها.‏

عادتُ بعدها مليئة بالحماسة لتقديم وإعداد برامج لها هدف وعليها مسؤولية بطريقة إعداد ‏تجذب وتُسلّي. فقدَّمت وأعدَّت العديد من البرامج ولكل برنامج قصة وسبب وهدف. ومن ‏بعض العناوين التي أعدَّتها جمان مجلي وقدَّمتها: برنامج "ريبورتاج"، "يانصيب الأغاني"، ‏‏"دليل الصباح"، "ألو.. مرحبا"، "فنجان قهوة"، "الجانب الآخر"، "اللقاء المفتوح"، "شيء من ‏كل شيء"، "ألوان"، "من هنا وهناك"، "أصدقاء المايكروفون"، "بين المهنة والأدب"، "على ‏أسرَّة الشفاء"، "قرأت سمعت رأيت"، "من مكتباتهم"، "حاضرون في الوجدان"، "مدن ‏عربية"، برنامج "صباح الخير"، "مرحبًا يا صباح"، "قصاصات ورق"، "صفحات من ‏حياتهم"، "مع الناس"، "مع الناس في رمضان"، برامج مسابقات، "في رحاب الجامعة"، ‏‏"هوايات ليست فنية"، "مثل العيد"، "سباق السيارات"، "هواة الراديو"، "مربي عصافير"، ‏‏"بطاقات ملوّنة"، وغيرها من البرامج الإذاعية المتنوعة.‏

ومن أنجح البرامج التي قدَّمتها برنامج "ريبورتاج" الذي قيل عنه إنَّ كل حلقة منه هي عبارة ‏عن بحث متكامل يعرض الحالة ويحاول أن يطرح الحلول المناسبة لها، ونجح البرنامج في ‏تسليط الضوء على قضايا وحلول ممتدة حتى الآن؛ وذلك من خلال المعنيّين أنفسهم وليس ‏تنظيرًا من المُعِدّ، فمثلًا قضية الكاتب الأردني ونشر إنتاجه لتعريف الجمهور به وبإبداعاته، ‏تمَّ عرض القضية في برنامج "ريبورتاج"، وطُرحت فكرة النشر وطباعة مؤلفات للكتاب ‏والشعراء الأردنيين على رؤساء تحرير الصحف المحلية آنذاك، الأستاذ محمود الكايد رئيس ‏تحرير "الرأي"، والأستاذ عرفات حجازي رئيس تحرير "الدستور"، ووافقوا –آنذاك- على ‏الفكرة، وتمَّ بالفعل تنفيذها. وانتقلت فكرة البرنامج بعد ذلك إلى التلفزيون الأردني حيث أعدَّ ‏البرنامج وقدَّمه المرحوم الأستاذ محمد أمين.‏

ومن البرامج المهمة وقتها كان برنامج "دليل الصباح"، فلم تكن وسائل التواصل متوفرة، ‏فكان مَن يذهب لتجديد رخصة القيادة أو أيّ معاملة رسميّة، لا يعرف ما هي الأوراق ‏المطلوبة، وعندما يصل الدائرة المعنيّة يكتشف نسيان بعض الوثائق، فكانت جمان من خلال ‏البرنامج تزوِّد المستمعين بالمعلومات حول المطلوب حتى ينهي الشخص معاملاته بسرعة ‏وكفاءة، وكان البرنامج بعد نتائج التوجيهي يزوِّد الطلبة بعناوين السفارات ومواقع الوزارات ‏حتى يتمكّن الطالب من الوصول إليها بسهولة، خاصة للقاطنين خارج عمّان.‏

أمّا في برنامج "بين المهنة والأدب" فقد التقت بعشرات المهنيين من مهندسين، أطباء، ‏صحفيين، إعلاميين، زراعيين ولكنهم كانوا شعراء أو أدباء متميزين، وذلك للبحث عن سرّ ‏إبداعاتهم وعلاقة مهنهم بالشعر والأدب، فالحياة في المجتمع البشري الكبير ينبوع دافق لِمَن ‏ينهل منه ولِمَن ينقل ما فيه ويزيد عليه إلى عالم الأدب والفن. ‏

وتذكر جمان من الشعراء والأدباء الذين قابلتهم في برنامج "بين المهنة والأدب"؛ د.عصام ‏صدقي العمد، عبدالسلام المحسيري، صبحي فحماوي، د.سرى سبع العيش، د.فتحية ‏السعودي، مفلح العدوان، يوسف غيشان، سامية العطعوط، الصيدلانية سحر ملص، سميحة ‏خريس، د.إبراهيم العبادي، عامر الصمادي، وغيرهم.‏

تسلمت جمان رئاسة قسم الأُسْرَة والطفل، وحوَّلت برنامج الأسرة إلى حاضنة لكل ما يهم ‏الأسرة بحيث كان شعار البرنامج "الأسرة لا تعني المرأة فقط وإنَّما كل أفراد الأسرة"، ‏فابتعدت من خلال البرنامج عن القضايا النمطيّة من تجميل وطهي إلى تغذية، بيئة، صحة ‏جسدية ونفسية وعقلية، قضايا المخدرات، دور الرعاية، مراكز الإصلاح، الجمعيات ‏المنتجة، مصادر التمويل، تمكين المرأة، قصص نجاح، وحوَّلت الحديث في برنامج الأسرة ‏إلى الحديث عن الطفل، أمّا برامج الأطفال فقد كانت تتحدَّث مع الطفل.‏

 

الانتقال إلى التلفزيون ‏

مثل كل الإذاعيين الناجحين تمَّت الاستعانة بجمان مجلي للعمل بالتلفزيون الأردني من خلال ‏تقديم النشرات الإخبارية والبرامج الثقافية والفنية، فقدَّمت برنامج "مع السينما" من إعداد ‏الناقد السينمائي المرحوم حسان أبوغنيمة وإخراج جهاد البكري بواقع ثلاث دورات، وبرنامج ‏‏"كلاكيت" وبرنامج "أخبار في الأقمار" لدورتين متتاليتين، وكان من إعداد الزميل هاني ‏أبوديّة المحرر في دائرة الأخبار وقتها.‏

وكانت أوَّل مَن قدَّم برنامج "يسعد صباحك" الذي رسم ملامحه كأوّل برنامج صباحي أردني ‏مباشر، وكلّفها به مدير عام مؤسسة الإذاعة والتلفزيون آنذاك المهندس راضي الخصّ، وكان ‏الهدف من البرنامج أن يكون نافذة حضاريّة على الأردن تراثًا وحاضرًا وتاريخًا وواقعًا ‏مواكبًا للأحداث والنشاطات، مسلّطًا الضوء على الإنجاز وعلى آخر الأخبار.‏

أدركت جمان أهميّة التواصل مع مؤسسات المجتمع المدني، فطالبت كل المعنيين بهذه ‏المؤسسات بأن يكون للإعلاميين دور في الحوارات والمؤتمرات والندوات، فالإعلامي ليس ‏عبارة عن صوت أو صورة أو قلم، الإعلامي فكر وقناعة، لذا يجب أن يكون مشاركًا حتى ‏يتمكن من إيصال الأفكار البنّاءة والإيجابيّة وأن يتبنّاها ليقدِّمها إلى الجمهور بأسلوب فني ‏مهني مُقنع. وبالفعل بدأت هذه المؤسسات بدعوة الإعلاميين للمشاركة في أوراق عمل وتقديم ‏رؤيتهم والتفاعل مع القضايا المختلفة، فشاركت جمان مجلي في الكثير من الندوات ‏والمؤتمرات وفي ترتيب خطط عمل إعلامية للكثير من القضايا. وقدَّمت أوراقًا مع اللجنة ‏الوطنية للسكان وتجمُّع لجان المرأة والصندوق الأردني الهاشمي ووزارة التنمية الاجتماعية ‏ووزارة البيئة، وجمعية البيئة، والجمعية الأردنية لحماية الأسرة، وغيرها من المنظمات ‏والمؤسسات.‏

وعندما شارك الأردن في مؤتمر بكين "المؤتمر العالمي الرابع لشؤون المرأة" بوفد رسمي ‏ممثلًا باللجنة الوطنية الأردنية للمرأة برئاسة سمو الأميرة بسمة بنت طلال، كانت جمان ‏ضمن الوفد الإعلامي لتغطية فعاليّات المؤتمر وذلك عام 1995، وحضر المؤتمر ممثلون ‏عن 189 حكومة ووكالة تابعة للأمم المتحدة ومنظمة حكومية دولية مثل الاتحاد الأوروبى ‏وجامعة الدول العربية، بالإضافة إلى نشطاء وممثلين لمنظمات من جميع أنحاء العالم، في ‏خطوة هدفها التأكيد على التزام المجتمع الدولي بتحقيق فرص أفضل للنساء والفتيات، حيث ‏أعدَّت الوفود إعلانًا وخطة للعمل الموجَّه للوصول إلى مساواة أشمل وفرص أفضل للمرأة ‏في كافة المجالات.‏

 

الإحالة على التقاعد ‏

وتأسيس إذاعة القوات المسلحة الأردنيّة

كانت جمان مجلي ضمن المجموعة التي ارتُكبت بحقها خطيئة كبيرة ذات إدارة غير حصيفة ‏لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون؛ فتمَّت إحالة خيرة الإعلاميين في المؤسسة إلى التقاعد المبكر ‏بحجة تقليل عدد العاملين بالمؤسسة التي كانت ترزح تحت عبء الأعداد الكبيرة للعاملين، فتمَّ ‏ارتكاب خطأ جسيم بحق هذه المؤسسة العريقة بإحالة أفضل الإعلاميين إلى التقاعد وترك ‏أعداد كبيرة؛ معظمهم ممّن لا يملكون مؤهلات ومهارات إعلامية لائقة، لكنْ كان هناك مَن ‏يرقب المشهد من بعيد، وشاهَدَ ما جرى، فتمَّ التَّنبيه إلى تلك الخطيئة بالاستعانة بالسيدة جمان ‏وعدد آخر من أفضل الإعلاميين لتأسيس إذاعة القوات المسلحة التي أصبحت فيما بعد من ‏أهم الإذاعات الأردنية، وحول ذلك تقول السيدة جمان:‏

‏"كان لي شرف تأسيس إذاعة القوات المسلحة الأردنية- الجيش العربي مع زملاء لي من ‏الإذاعة الأردنية، أذكر منهم المرحوم جبر حجات، غالب الحديدي، خالد مقدادي، حلمي ‏حسين، بالتعاون مع اللواء المتقاعد د.محمد خلف الرقاد، واللواء المتقاعد عودة شديفات، ‏والعميد المتقاعد المهندس نايف الشوبكي، والإعلامي المقدَّم المتقاعد فايز حميدات، قبل ‏تقاعدهم. ‏

وكنتُ أوَّل صوت يُعلن افتتاح الإذاعة في 1-3-1998، إذاعة أرادها جلالة المغفور له ‏الحسين بن طلال صوتًا للحق، صوتًا للأردن وجيشه العربي في عصر الإعلام وثورة ‏المعلومات ومواكبة الأحداث أوَّلًا بأوَّل. وقد افتتح جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين هذه ‏الإذاعة رسميًّا في 13-11-2001. أمّا عملي بها فقد امتدَّ منذ العام 1998 إلى 2018، ‏حيث عملتُ فيها عشرين عامًا وقدَّمتُ العديد من البرامج منها برنامج "حوارات ورؤى"، ‏وأجريتُ لقاءات مع قادة الكتائب لإبراز الدور التنموي للقوات المسلحة، وبرامج خاصة ‏بالمناسبات الوطنية، وبرنامج "هذا الكتاب"، وبرنامج "مساء الخير"، وغيرها من البرامج ‏والحوارات".‏

 

التَّرشيحات والمُشاركات

خلال مشوار جمان مجلي الإعلامي تمَّ ترشيحها عن الأردن لجائزة الاتصال الدولية والتي ‏نظمتها اليونسكو، كما ترأست اجتماعات محلية وإقليمية ودولية نذكر منها؛ "الورشة الإقليمية ‏في مجال البرامج والتقنيات الاتصالية الموجَّهة للمرأة" من تنظيم اليونسكو والإسسكو ‏وبمشاركة كل من مصر، ليبيا، سوريا، العراق، المغرب، اليمن. ‏

وشاركت في لجان التحكيم في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون، وفي مؤتمر "التنمية ‏والسكان" الذي عقد في جامعة الدول العربية في القاهرة بحضورٍ عربي ودولي.‏

 

الأنشطة الاجتماعيّة ‏

عملت مجلي عضوًا في الفريق الإعلامي لحملة البرّ والإحسان برئاسة سمو الأميرة بسمة ‏بنت طلال، كما كانت عضوًا في المجلس الأعلى لتجمُّع لجان المرأة الأردني.‏

أعدَّت برنامج "شباب 21" بالتعاون مع اللجنة الوطنية للسكان وجامعة جونز هوبكنز، والذي ‏تمَّ تنفيذه بعد عقد ورشات عمل في كل المحافظات، ومن ثم قامت بإعداد خمس عشرة حلقةً ‏موجهة للشباب تمَّ تنفيذها ميدانيًّا في جميع محافظات المملكة.‏

شاركت بتأسيس "جمعية المذيعين الأردنيّة" وكانت أمينة سر الجمعية، وكذلك "جمعيّة نساء ‏من أجل القدس" وكانت أمينة سرّ الجمعية لثلاث دورات، وعضو هيئة إدارية في "الجمعية ‏الأردنية لحماية الأسرة"، وحصلت على شهادات تقدير ودروع تكريمية من العديد من ‏المؤسسات والجهات الرسمية والمدنية.‏

 

الرَّسم بالكلمات ‏

وحول الفرق بين العمل الإذاعي والتلفزيوني بعد خبرتها الطويلة في هذا المجال، وكيف ‏استطاعت أن تتعامل معهما، وأيهما أصعب، تقول السيدة جمان: ‏

‏"في الإذاعة أيقنتُ أنَّ عليّ الرَّسم بالكلمات لأنَّ المستمع يستعين بخياله الخاص لتصوير ‏المشهد، وأنَّ على الإذاعي أن يستخدم أقل عدد ممكن من الألفاظ للتعبير عن أكبر عدد ممكن ‏من الأفكار، بوضوح وبساطة وإيجاز وتأثير. فالإعلامي الحقيقي هو الذي يتابع ويرصد ما ‏يجري حوله بعين غير كل العيون، وعقلٍ يحلِّل الواقع وينظر إلى المستقبل نظرة استشرافيّة ‏تبغي المصلحة العامة، وهي مسيرة في مجال الإعلام لا يمكن النَّظر إلى أهميَّتها إلا من خلال ‏السياق الزمني الذي قُدِّمت فيه، والسياق الفنّي التقني لتلك الفترة من حيث الإمكانيّات ‏التكنولوجيّة، فما يُعتبر الآن سهل التنفيذ كان حينها صعبًا وغير متوفر، وكان المجال مفتوحًا ‏للاجتهاد والتجربة".‏

 

عدد البرامج التي قدَّمتها ‏

وحول مدى أهميّة عدد البرامج التي قدَّمها الإعلامي أو أعدَّها تقول مجلي:‏

‏"ليس المهم عدد البرامج التي تمَّ إعدادها وتقديمها، بل المهم هو طريقة الطَّرح واختيار ‏المواضيع، والتَّجديد في التناول وجذب اهتمام المتابع، فالبرنامج هو كائن حيّ، إن لم يمتلك ‏الروح فسيولد ميتًا، والروح هي وضوح الهدف وسعة الاطّلاع وشخصيّة المقدِّم".‏

‏***‏

لا تزال السيدة جمان تعطي للإعلام قدر استطاعتها؛ على الرّغم من أنها ترعى أحفادها ‏وزوجها الإعلامي الكبير عدنان الزعبي، فتشارك ببعض الورشات التدريبية أو المؤتمرات ‏واللقاءات الإعلامية، وتنبِّه الجيل الجديد لبعض الأخطاء التي يقعون بها، لكنَّها لا تستطيع ‏إخفاء عدم رضاها عن الطُّرُق التي يتمّ اتِّباعها هذه الأيام لاختيار المذيعات والمذيعين وزجّهم ‏بهذا العمل دون التدريب الكافي أو الاهتمام باللغة العربية التي أصبحت شهيدةً على ألسنة ‏بعض الإعلاميين.‏