لوحة لشهريار

 

شعر: عبد الكريم أبو الشيح ‏

شاعر أردني

 

‏"القلب المتحجّر يطيف به طائفُ الحنان أحيانًا

فيرقُّ رِقّة الماء يخرج من الصّخر... من العبث أن

نعجّل بالانصياع فنكون شركاء في التبعة"‏

شهرزاد/ ألف ليلة وليلة

 

في اليوم الثامن بعد الليلة الألف خرجت شهرزاد على الناس وهي تحمل في أحشائها ‏ابن شهريار لتقول لهم: ‏

كانَ القتيلَ وإن بدا لكَ أنّهُ ‏

هو قاتلُ

كان القتيلَ ‏

وإن سمعتَ على ضفافِ جراحهِ

آهاتِ قرطٍ جاوبتها بالأنينِ خلاخلُ

هوَ خائفٌ

والخوفُ يقتُلُ إنْ تلبّسَ بالظنونِ

وراودتهُ على الفراشِ قلاقلُ

 

هوَ خائفٌ

مذ ما رأى ‏

أنّ التي قد هدهدته بحبّها

هدّتْ له أحلامَه

وأرتْهُ أنّ الهدهداتِ معاولُ

فرأى بأن يرفو جراح فؤادهِ

بجراحهنّ وإنْ دَرى ‏

أنّ الرّفاءَ تحايلُ

وبأنهنّ بموتهنّ على يديهِ ‏

يَكِدْنَ لَهْ

يهدمنَ ما يَبني (صواحبُ يوسفٍ)‏

ويُعِدنْهُ

يهذي ببئرِ غيابهِ

أنّ النساءَ حبائلُ.‏

وأتيتُهُ ‏

مختارةً

بي شهرزادُ وألفُ عشقٍ خائبٍ ‏

حشوَ الوسادةِ بالدموعِ طويتُهُ

 

ودخلتُ طيّ فِراشهِ

ورأيتُهُ ‏

وعليهِ من أثرِ الفَراشِ دلائلُ ‏

سلّمتُ فابتسمتْ عيونُ طفولةٍ ‏

مخبوءَةٍ

وبدا عليهِ الخوفُ منّي إذ رآني

في الفِراشِ أغازلُ

ونمَتْ على

شفتّيّ من خجلِ العرائسِ بسمةٌ ‏

تتمايلُ ‏

وقرأتهُ

فرأيتُ طفلًا يرتجفْ

رأيتُ طفلًا يرتدي عرشًا وسيفْ

والسيفَ في كفيّه خوفْ

لا غِمْد يُسكِنُ روعَهُ ‏

وروْعُهُ يتناسلُ

حدّثتُهُ

كم كانَ طفلًا حينما حدّثتُهُ

ورويتُ لهْ

قِصصَ الغرامْ

حتى استقامْ ‏

فتسرّحتْ

وسرت على جسدي من الشبقِ ‏

المُقيمِ أيائلُ

وتهدّجتْ كلماتهُ:‏

الخوف يقتُلُ صاحبَهْ...‏

في الليلة الألف التي فيها بكى

روّى مدامعَ غيمةٍ

وهمى عليّْ

أرخى على كتِفي ضفائرَ حلمِهِ ‏

وغفى كوَعلٍ أرهقتهُ نوازلُ.‏