شخصيّات إعلاميّة الإعلامي عدنان الزعبي

 

عامر الصمادي

إعلامي ومدرب دولي ومترجم وكاتب أردني

amer2003@hotmail.com

 

حول عدم نجاح كثير من الإعلاميين الذين يظهرون على الشاشات هذه الأيام، وأمام فقدان الجمهور ‏لثقته بالإعلام بشكل عام، يقول الإعلامي الفذّ عدنان الزعبي ملخِّصًا الكثير من الكلام: "الإعلام ‏رسالة؛ الكلمة والصوت والصورة هي وسائلها، والحقيقة ذخيرتها، يحملها مَن يحبّها ويؤمن بها، ‏فإذا ارتاح الجمهور لحامل الرِّسالة صدَّقوا مضمونها لأنَّها تكون قد وصلت وأحدثت تأثيرها".‏

فأين نحن من هذه القاعدة؟

 

 

يُعتبر الإعلامي المتميِّز عدنان الزعبي واحدًا من ألمع نجوم الشاشة والراديو في الأردن، حيث ترك ‏بصمة واضحة على الأداء الإعلامي، وكان بحقّ من أكثرالمذيعين رسوخًا في ذهن المشاهد ‏والمستمع الأردني والعربي، ويرجع ذلك لأسباب عديدة منها أنه يتمتَّع بكاريزما خاصة على الشاشة ‏وصوت قوي واضح ومخارج حروف متميِّزة، فكان نطقه للكلمات يختلف عن غيره، إضافة إلى ‏إتقانه للُّغة الإنجليزية التي درسها بجامعة دمشق وتخرج فيها عام 1972، ناهيك عن وسامته ‏وأناقته اللافتة للنَّظر، كلها عوامل ساعدت في تشكيل هالة حقيقيّة حوله كإعلامي متميِّز، ومَن ‏أسعده الحظّ بالتعرُّف إليه عن قرب سيزداد محبّة له؛ فهو دافئ العلاقة مع الآخرين، حلو اللسان ‏والمعشر وطيِّب القلب، لكنّه مع ذلك حازم صارم عندما يتعلق الأمر بالعمل، يصرُّ على المهنيّة أوّلًا ‏ولا يتنازل عن تقديم الأفضل، إلّا أنَّ حزمه يأتي بأسلوب هادئ دون علوّ الصوت أو استخدام ‏الألفاظ الجارحة والمؤذية؛ ممّا يجعل مَن يتعامل معه يحمل له الكثير من مشاعر الودّ والاحترام.‏

تعود معرفتي به إلى بدايات تفتُّح الوعي على الدنيا عندما بدأتُ أتابع التلفزيون وأهتمّ بالسياسة من ‏خلال متابعة نشرات الأخبار، فكان عدنان الزعبي من الذين أحبُّ متابعتهم والاستماع إلى الأخبار ‏منهم نظرًا لما ذكرتُه سابقًا عن تلك الكاريزما التي يتمتَّع بها. وبعد عملي بالتلفزيون في بداية ‏التسعينات من القرن الماضي أصبحتُ ألتقي به بين الفينة والأخرى، لكنَّ العلاقة تعمَّقت بعد أن ‏تولى إدارة القناة الفضائيّة الأردنيّة، وما زلتُ أذكر مواقفه الدّاعمة لي كلّما صدر لي كتاب جديد أو ‏نشرتُ مقالًا أو ترجمةً ما في الصُّحف، حتى إنه ذات يوم وبعد صدور إحدى المجموعات ‏القصصيّة لي بادرني بالقول: "كيف تجد الوقت لكل ذلك؟"، خاصة أنَّني كنتُ في بدايات الشباب ‏وزملائي بالعمل الذين يعرفهم يقضون أوقاتهم بالسهر واللهو والتمتُّع بالشُّهرة التي اكتسبناها تلك ‏الأيام قبل انتشار الفضائيّات. وأذكر أيضًا كيف كلَّفني ذات يوم وفجأة بتقديم حلقة خاصة كانت ‏عبارة عن لقاء مع سبعة من رؤساء اتحادات الأدباء والكُتّاب العرب الذين كانوا يعقدون مؤتمرهم ‏في عمّان، وكان مقرَّرًا أن يقدِّمها زميل آخر، لكن لا أدري لماذا غيَّرَتْ الإدارة رأيها، ولم يكن قد ‏بقي على موعد بثّ اللقاء على الهواء مباشرة سوى أقل من ساعتين، وعلى الرّغم من صعوبة ‏الموقف يومها إلا أنه كان هادئًا وهو يقول لي: "أنا واثق أنك ستبدع اليوم"، وبالفعل قدَّمتُ ذلك ‏اللقاء الذي استمرَّ ساعة ونصف وتطرَّقتُ فيه إلى الكثير من القضايا التي تواجه الحركة الثقافيّة ‏والأدبيّة في الوطن العربي، وساعدني جدًا يومها أنني كنتُ أحضر معظم الأنشطة الثقافية بما في ‏ذلك مؤتمر اتحاد الأدباء والكتاب العرب الذي يُعقد في عمّان، فكانت مغامرة منه باختياري ‏ومغامرة منّي بالقبول، لكنَّ الله وفّقني يومها ممّا زاد من ثقته بي، حتى إنه عندما عاد مديرًا عامًا ‏للإذاعة والتلفزيون بعد تلك الحادثة بحوالي سبعة عشر عامًا استدعاني بعد أيام من تولّيه المسؤولية ‏وطلب منّي أن أفكر ببرنامج كبير يكون فريدًا من نوعه ومتميّزًا بمضمونه، فكان برنامج "يا طير" ‏للمغتربين والذي استمرَّ حوالي عشر سنوات بالتلفزيون، ثم أوقفه أحدهم دون أيّ سبب مهني. وقد ‏سخَّر الزعبي كل الإمكانيات الممكنة لإنجاح البرنامج على الرّغم من شحِّها وكثرة المتهافتين الذين ‏تداعوا عليه لإفشال مهمّته، ولأنَّ طبيعة البرنامج تتطلّب السفر إلى الكثير من البلدان للقاء المغتربين ‏الأردنيين ومع عدم توفر الموازنة اللازمة فقد طلب مني أن أسخِّر علاقاتي مع التلفزيونات العربية ‏بحيث نخفِّف التكاليف على التلفزيون الأردني، فكنتُ أتواصل مع زملائي هناك لأحصل على كل ‏الإمكانيات الفنيّة دون مُقابل، بل حتى إنهم كانوا يغطّون تذاكر السفر والإقامة وأنا لم أكن أتقاضى ‏مياومات عن سفري، فكانت التكلفة صفر بالنسبة للتلفزيون الأردني. حتى إنَّ الزعبي أصبح يفتخر ‏بذلك أمام العاملين قائلًا لهم: "حبذا لو أنَّ لدينا عشرين واحدًا مثل عامر الصمادي لتغلّبنا على أزمتنا ‏الماليّة وقدَّمنا أفضل البرامج".‏

استطاع عدنان الزعبي أن يصل إلى أعلى المناصب الإعلاميّة في الأردن بالتسلسل الوظيفي ‏وبمهنيّته العالية، فأصبح مستشارًا إعلاميًّا لرئيس الوزراء عام 2002 وقبلها عُيِّن أمينًا عامًا ‏لوزارة الإعلام، وأحيل إلى التقاعد وهو في عزِّ عطائه وكان قبلها مديرًا للمحطة الفضائيّة الأردنيّة ‏بين عامي 1996 و1999.‏

في عام 2011 تمَّ تعيينه مديرًا عامًا للإذاعة والتلفزيون لمدة لم تتجاوز أحد عشر شهرًا كان خلالها ‏من أفضل المدراء الذين تعاقبوا على المؤسسة لأنه ابن المهنة ويعلم متطلّباتها وخفاياها، لكن بسبب ‏مهنيّته وعدم الرضوخ للمطالب الشخصيّة والواسطة تمَّت الإطاحة به بإحالته على التقاعد مرَّة ‏أخرى قبل أن يتمكّن من تنفيذ الكثير من الأفكار والتصوُّرات التي وضعها للنهوض بمؤسسة الإذاعة ‏والتلفزيون، لكنَّ قرار التقاعُد سرعان ما أُلغي وعاد الزعبي مديرًا عامًّا في حادثة تكاد تكون ‏الوحيدة من نوعها في الإدارة العامة الأردنيّة. ‏

 

 

بدايات العمل الإعلامي

 

الإذاعة

يقول عدنان الزعبي عن بدايات التحاقه بالعمل في الإذاعة الأردنية عام 1973 وهو العائد حديثًا ‏من دمشق ويسكن مدينة الرمثا بأقصى شمال الأردن بعيدًا عن العاصمة عمّان:‏

‏"بعد التخرُّج في الجامعة أخبرني أحد الأصدقاء أنَّ الإذاعة الأردنية أعلنت عن حاجتها لمحرّرين ‏ومذيعين، فقدّمتُ طلبًا وخضعتُ لامتحان وبعدها حصلتُ على الوظيفة. وبعد ستة أشهر نُسِّبتُ ‏لدورة مذيعين مدّتها ستة أشهر أغلبها ميداني، وقد حصلتُ على المركز الأوّل في هذه الدورة، التي ‏تبعتها دورة إنتاج وإخراج في بريطانيا مدّتها أربعة أشهر في أعرق الإذاعات العالميّة (‏BBC‏).‏

بعد ذلك تمَّ تعييني في قسم جديد أراده معالي الأستاذ مروان دودين -مدير الإذاعة آنذاك- بديلًا عن ‏التعليقات السياسية، وسُمِّي القسم الجديد "قسم البرامج الإخباريّة" وكنّا نقدِّم من خلاله برنامج "شريط ‏الأنباء" يوميًّا بعد نشرة أخبار الثانية ظهرًا، بالإضافة إلى برنامج أسبوعي باسم "حدث الأسبوع". ‏وكان برنامج "شريط الأنباء" وقتها نقلة نوعيّة في البرامج الإخبارية وكان له ثمانية عشر مندوبًا ‏في عواصم العالم؛ لندن، باريس، واشنطن، بون، وموسكو، وفي عدد من العواصم العربية.‏

كان الأستاذ عبدالسلام الطراونة رئيسًا للقسم وكنتُ مساعدًا له، وعندما تمَّ تعيينه مديرًا للأخبار ‏أصبحتُ رئيسًا لهذا القسم. وكنتُ في الوقت نفسه أقرأ نشرات الأخبار، وأقوم بإعداد وتقديم البرامج ‏المختلفة مثل "حدث الأسبوع"، "الساعة الثالثة"، "شراع النغم" وغيرها. ثم عُيِّنتُ كبيرًا للمذيعين".‏

ولا يخفي الزعبي فخره بأنه كان من الجيل الثاني الذين أسَّسوا العمل الإذاعي وأنه تتلمذ على أيدي ‏نخبة من الكبار؛ مفكرين وسياسيين وأدباء وشعراء ومحترفين كالأساتذة: سليمان المشيني، معاذ ‏شقير، عائشة التيجاني، محمود الشاهد، عبدالرحيم عمر، عزالدين المناصرة، بسام عازر، صالح ‏ريان، إبراهيم الذهبي، عصمت النشاشيبي (زوج المذيعة الراحلة كوثر النشاشيبي)، طارق ‏مصاروة، جبر حجات، سلامة محاسنة.‏

 

‏-‏ حُسن اختيار الكوادر

وحول طريقة اختيار العاملين في الإذاعة والتلفزيون في ذلك الوقت، وعدم السماح للواسطة ‏والمحسوبيّة بالتدخُّل في اختيار الأكفّاء يقول الزعبي:‏

‏"عندما تقدَّمتُ بعد تخرُّجي للعمل في الإذاعة الأردنية، أخبرتُ أحد الأصدقاء بالأمر فقال إنَّ مدير ‏الإذاعة صديقه (وكان وقتها الأستاذ مروان دودين)، فأعطاني "كرته" وقال سلِّمه لصديقي، وفعلًا ‏حملتُ "الكرت" وطلبتُ مقابلة المدير وسلَّمتُ عليه وقلتُ له: "هذا الكرت من صديقك فلان"، قرأه ‏وضحك وقال لي: "قُل لصديقي العزيز إنَّ هذه مهنة وليست وظيفة، وهناك شروط يجب أن تتوفر ‏في الشخص المطلوب وسيتضح هذا الأمر من خلال امتحان تحريري وامتحان صوت وصورة، ‏فإذا اجتاز الشخص هذين الامتحانين نجح في الحصول على العمل في الإذاعة"، وأضاف: "اذهب ‏وقدِّم طلبًا واعمل المطلوب وستأتيك النتيجة"، وهذا فعلًا ما حدث. ‏

بعد عشرين يومًا من تقديم الامتحانين وصلني كتاب مدير الإذاعة بأنني قد نجحتُ وعليّ الالتحاق ‏بعملي في الأول من تشرين الأول عام 1972".‏

 

‏-‏ التأهيل المطلوب

وحول ما يشاهده عدنان الزعبي هذه الأيام من انتشار الإذاعات والتلفزيونات الخاصة دون مراعاة ‏لحسن اختيار المذيعين والمذيعات، ومقارنته مع ما مرّ به جيله من مراحل بالاختيار ثم بعدها ‏بالتأهيل والتدريب، يقول:‏

‏"التحقتُ بالعمل ودخلتُ في دورة مدتها ستة أشهر أغلبها ميداني وبعد فترة تبعتها دورة في بريطانيا ‏مع الـBBC‏ في كل فنون العمل الإعلامي من إنتاج وإخراج ومونتاج وتحرير الأخبار وقراءتها. ‏وكلما أتيحت لي فرصة لتعلُّم فن جديد من فنون العمل الإعلامي أقوم بذلك، ومع ذلك أشعر دائمًا ‏أنني بحاجة إلى المزيد، بينما يسوؤني ما أجده هذه الأيام من وضع أشخاص غير مؤهلين على ‏الشاشات أو وراء الميكرفونات دون تدريبهم بشكل جيِّد؛ الأمر الذي ينعكس على مستوى الأداء".‏

 

‏-‏ التدريب التجريبي

أمّا بعد التدريب الجيد وقبل البدء الفعلي بالعمل فقد كان النظام المعمول به هو ألا يُسمح لنا بقول ‏‏"هنا عمّان إذاعة المملكة الأردنيّة الهاشميّة" إلّا بعد توزيعنا لمرافقة المذيعين الأقدم والذين أصبحوا ‏محترفين، ونبدأ بدخول الاستوديو معهم دون أن نتفوّه بأيّ كلمة، علينا فقط أن نعيش الأجواء لمدة ‏ثلاثة أشهر، ومن بعدها يقدِّم المذيع المحترف تقريرًا عن وضع المتدرِّب وقدراته وبماذا ينصح في ‏مجال قدرته على العمل.‏

 

الانتقال إلى التلفزيون ‏

‏ بعد سنتين من العمل الإذاعي انتقل الزعبي إلى التلفزيون -وكانت الإذاعة يومها مؤسسة مستقلة ‏عن التلفزيون لكل منها مديرها- لكن كانت عيون المدراء مفتوحة على الكفاءات الموجودة في ‏المؤسسة الأخرى، ويبدو أنَّ هناك ظرفًا ما أجبر التلفزيون على الاستعانة بالإذاعة لتقديم نشرات ‏الأخبار، وعن ذلك يقول عدنان الزعبي: ‏

‏"صدفة أخرى عندما هاتفني المرحوم الأستاذ جورج حداد الذي كان وقتها مديرًا لأخبار التلفزيون، ‏وقال: "لو سمحت إلبس أواعيك وتعال مشان تقرأ نشرة الساعة الثامنة"، وكان ذلك سنة 1975. ‏وعلمت فيما بعد أنَّ الزميل منير جدعون اختلف مع الأستاذ جورج وغادر المؤسسة غاضبًا. عندما ‏دخلتُ الاستوديو مع الزميلة الأستاذة لمياء النمري وجلسنا على مقاعدنا كانت الساعة أمامي تقترب ‏من الثامنة، وأخذ قلبي يخفق لدرجة أنني كنتُ أسمع نبضاته بأذني، وما هي إلا دقائق حتى استقرَّت ‏الأمور وأكملنا نشرة الأخبار، ومن يومها استمرَّت المسيرة في التلفزيون وفي الوقت نفسه كنتُ ‏أتعاون مع الإذاعة في قراءة نشرات الأخبار".‏

وبالإضافة إلى نشرات الأخبار أعدَّ الزعبي وقدَّمَ مجموعة من برامج المقابلات مثل برنامج "لقاء ‏الاثنين"، وبعده البرامج الوثائقية ومن أهمها برنامج عن البتراء بالتعاون مع التلفزيون الإسباني وقد ‏تمَّت ترجمته إلى عدة لغات، وسافر الزعبي إلى مدريد برفقة الزميل المخرج سميح يوسف ‏للإشراف على إنتاج البرنامج.‏

وبعد فترة أعدَّ برنامجًا تلفزيونيًّا خدميًّا تحت عنوان "لقاء الأربعاء" وكان شبيهًا ببرنامج "اللقاء ‏المفتوح" في الإذاعة، وقدَّم عددًا من البرامج المنوَّعة والثقافيّة والخاصة.‏

كما قدَّم مع الزميلين جمان مجلي وسلامة محاسنة أكثر من مئتي حلقة وثائقيّة من إنتاج إذاعة ‏BBC‏ حملت عنوان "الجامعة المفتوحة".‏

 

الزيارات الرسميّة الملكيّة والمناسبات الوطنيّة

اختير عدنان الزعبي لمرافقة جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه، وفيما بعد جلالة الملك عبدالله ‏الثاني أطال الله بعمره ولمدة اثنين وعشرين عامًا لتغطية الزيارات الرسميّة الملكيّة لدول العالم، ‏بالإضافة لتغطية مؤتمرات القمّة العربيّة والمناسبات الوطنيّة، ولعلَّ أبرز ما يذكره الأردنيون من ‏أبناء الأجيال السابقة اختياره للتعليق على وصول الراحل الكبير الحسين بن طلال عند عودته من ‏رحلة علاجه الأولى من مرض السرطان عام 1992، حيث خرج عشرات الآلاف من الأردنيين ‏إلى الشوارع لاستقباله من مطار ماركا بعمّان وحتى القصور الملكيّة، وقام التلفزيون الأردني بنقل ‏مراسم الاستقبال على الهواء مباشرة وكان المعلِّق الرئيس هو عدنان الزعبي الذي افتتح حديثه يومها ‏مخاطبًا الحسين (دعني أقبِّل عينيك، فعيناك.....)، وبقيت هذه العبارات تتردَّد على مسامع الأردنيين ‏لسنوات إلى أن توفي الحسين رحمه الله.‏

 

الإدارة الإعلاميّة

وفي عام 1996 عُيِّن مديرًا للمحطة الفضائية الأردنية، وكان بثها آنذاك منفصلًا عن التلفزيون ‏الأردني الذي كان محطة أرضية. وكان فيها عدد قليل من الموظفين وتعتمد على برامج التلفزيون ‏في الغالب، وعندما غادرها كان بها خمسة وثلاثون محترفًا من المذيعين والمذيعات والمخرجين ‏والمنفذين والمعدّين. ويستذكر الزعبي عددًا من البرامج التي يعتزّ بها خلال إدارته للمحطة الفضائية ‏الأردنية مثل برنامج "المقهى الثقافي" وهو من إعداد وتقديم إكرام الزعبي، وبرنامج "عالهوا سوى" ‏إعداد وتقديم أسيل الخريشا وأيمن الزيود، وبرنامج "من عمّان مع التحيّة" إعداد وتقديم إخلاص ‏يخلف ومحمد الوكيل، وقد اتصل جلالة الملك الحسين رحمه الله به وأعرب عن دعمه للقناة ‏الفضائيّة وارتياحه لبرامجها، وكان جلالته وقتها في "مايوكلينك" للعلاج.‏

في عام 2000 نُقل الزعبي إلى وزارة الإعلام أمينًا عامًا بالوكالة، لكن الوزارة أُلغيت فيما بعد ‏حيث عُيِّن بعدها مستشارًا إعلاميًا لرئيس الوزراء ثم أحيل إلى التقاعد.‏

وفي عام 2011 عاد مديرًا عامًا لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون، كما أسلفنا، وكان ذلك بناء على ‏خطة قدَّمها قبل التعيين مدتها ثلاث سنوات، لكنَّ الحكومة لم تمهله لاستكمال الخطة، ومع ذلك ‏حققت المؤسسة العديد من الإنجازات والتقدُّم البرامجي والإخباري في السنة التي خدم بها في هذا ‏المنصب، ومنها إثارته لقضيّة الوضع التكنولوجي لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون، حيث قدَّم شرحًا ‏وافيًا لجلالة الملك عبدالله الثاني حول الوضع التكنولوجي المتردّي للمؤسسة، وكيف أنَّ الأقمار ‏الصناعية أنذرت الأردن بأنَّ هذه الأقمار لن تكون قادرة على استقبال إشارة البث للفضائيّة الأردنيّة ‏لأنَّ البثّ كان بالنظام القديم (آنالوغ- ‏Analogue‏)، وقدَّم الزعبي بعدها دراسة لضرورة وكيفيّة ‏تجديد هذا النظام، فأمر جلالة الملك بتخصيص مبلغ واحد وعشرين مليونًا لتجديد كامل التكنولوجيا ‏بنظام ‏HD‏ بناء على الدراسة التي قدَّمها.‏

ومن البرامج التي يعتزّ بها الزعبي في تلك الفترة، برنامج "اللقاء الثالث" من إعداد وتقديم الزميل ‏جهاد المومني والذي استضاف به عددًا من كل أطياف المعارضة. وقد اعترض دولة رئيس ‏الوزراء آنذاك على الحلقة الأولى من هذا البرنامج، ولكنه عاد ووافق على استمرار البرنامج بعد أن ‏شاهد الحلقة.‏

وهناك أيضًا برنامج مهمّ وهو برنامج "يا طير" إعداد وتقديم عامر الصمادي الذي كان صلة وصل ‏بين الجاليات الأردنيّة في العالم وبين الوطن، وقد حقَّق نجاحًا كبيرًا في مجال تسهيل أمور الأردنيّين ‏والتعرُّف على إنجازاتهم وزيارة هذه الجاليات في أماكنها، وأصبح البرنامج مؤسسة بكل معنى ‏الكلمة.‏

 

تأسيس جمعيّة المذيعين الأردنيّين

كانت هناك جهود متكررة لتأسيس جمعية للمذيعين الأردنيين لكنها لم تنجح، وعندما عُيِّن الزعبي ‏أمينًا عامًا بالوكالة لوزارة الإعلام، فوَّضه وزير الإعلام بصلاحيّاته، حيث قدَّم مجموعة من ‏الزملاء طلبًا لتأسيس الجمعيّة، فوافق عليها نظرًا لمعرفته بالحاجة لمثل هذه الجمعيّة، وهكذا تأسست ‏جمعية المذيعين الأردنيين، وفيما بعد أصبح الزعبي رئيسًا لها عدّة سنوات، وكانت هذه خطوة ‏لتأسيس نقابة للإعلاميين الذين لا يوجد لهم مظلّة نقابيّة آنذاك.‏

 

دورات تدريبيّة وأنشطة بارزة

خلال عمله الإعلامي الذي امتدَّ لما يقرب من ثمانية وثلاثين عامًا حتى الآن حصل الزعبي على ‏عدد من الدورات التأهيلية بالعمل الإذاعي والتلفزيوني منها:‏

‏-‏ دورة تأهيلية في الإعلام، عام 1973 مدَّتها ستة أشهر.‏

‏-‏ دورة إعلامية معززة في بريطانيا، عام 1975 مدَّتها أربعة أشهر.‏

‏-‏ دورة إدارة عليا، 150 ساعة معتمدة عام 1996.‏

‏-‏ وهو عضو فريق إدارة حماية الأسرة، ورئيس تحرير النشرة الدورية الصادرة عن الفريق.‏

‏-‏ وعضو مؤسس في الهيئة العليا للإنتاج السينمائي.‏

‏-‏ ورئيس جمعية المذيعين الأردنيين لمدة لمدة سبع سنوات.‏

‏-‏ عمل بشكل غير متفرِّغ في الصحافة لمدة سبع سنوات كمحرر سياسي.‏

‏-‏ قام بإعداد وتقديم البرامج السياسية، الاقتصادية والاجتماعية.‏

‏-‏ وهو خبير إعلامي معتمد غير متفرغ في اتحاد إذاعات الدول العربية.‏

‏-‏ مستشار إعلامي في مجمع اللغة العربية ومشرف على إذاعته خلال العامين 2018، ‏‏2019.‏

 

الأوسمة والدّرجات: ‏

يحمل الزعبي وسام الاستقلال منذ عام 1985، ودرجة التميُّز والإبداع بقرار من مجلس الوزراء ‏عام 1990 (ترفيع استثنائي).‏

 

نشأة رياضيّة ‏

ما لا يعرفة الكثيرون عن الأستاذ عدنان الزعبي هو أنه نشأ نشأة رياضية، فكان لاعبًا لكرة القدم ‏بالفرق المدرسيّة، ثم فريق كرة القدم (قبل تأسيس نادي الرمثا الرياضي عام 1966)، ثم لاعبًا ‏معتمدًا في أوَّل فريق لنادي الرمثا، وعضو مجلس إدارة أكثر من مرَّة.‏

وبعد التحاقه بالجامعة في دمشق قام مع عدد من الطلبة الأردنيين بتأسيس فريق لكرة القدم تابع ‏لاتحاد طلبة الأردن، وكان من أعضائه معالي الدكتور عزمي محافظة وزير التربية والتعليم الأسبق ‏والذي يظهر بصورة للفريق وقتها.‏

 

تسويق النُّجوم

وحول عدم قدرة الإعلام الأردني على صناعة النُّجوم كما تفعل العديد من الدول، وأنَّ النُّجوم ‏الأردنيين لم ينجحوا ويشتهروا إلا بعد عملهم خارج الأردن، يعتقد الأستاذ عدنان الزعبي أنَّ السبب ‏الرئيس لذلك هو معاملة الإعلاميين بالطريقة نفسها التي تتم فيها معاملة العاملين في أيّ مهنة أو ‏وظيفة أخرى، دون الأخذ بعين الاعتبار أنَّ لهذا النوع من المهن متطلّبات خاصة لا تتوفر بكل ‏الناس، وتطبيق نظام الخدمة المدنيّة عليهم من حيث الراتب والحوافز وغيرها، ويضرب مثلًا على ‏ذلك فيقول: "بعد فترة من العمل في الإذاعة، أخذتُ أتعاون مع التلفزيون في قراءة الأخبار مقابل ‏ثلاثين دينارًا في الشهر، فقلتُ للأستاذ محمد كمال مدير التلفزيون آنذاك، لماذا لا تزيدون راتبي، ‏فأجاب: (نحن نجعلكَ مشهورًا، فإذا كنتَ تظهر على الشاشة أربع ساعات في الشهر بمعنى مئتين ‏وأربعين دقيقة ضرب 300 دينار في الدقيقة، بيطلعلنا عندك مبلغ ضخم كل شهر، وإحنا ‏مسامحينك!!)، أي أنَّ الإدارات تنظر إلى الإعلامي على أنه هو المستفيد من الظهور التلفزيوني ‏وليس العكس، إضافة إلى تدخُّل الواسطة والمحسوبية في تحديد مَن يظهر على الشاشة؛ الأمر الذي ‏أدّى إلى تراجع كبير في القدرة على التأثير في الجمهور.‏

‏***‏

لا يزال عدنان الزعبي ينبض بالعطاء، وهو شعلة حركة ونشاط إلى جانب زوجته الإعلامية الكبيرة ‏جمان مجلي (وسنفرد لها مقالًا في عدد آخر) والتي رافقته طيلة حياته المهنيّة وشكَّلت معه ثنائيًّا ‏إعلاميًّا متميزًا (أطال الله بعمرهما)، يتابعان كل ما يجري من أنشطة وأحداث حولهما إلى جانب ‏رعاية الأحفاد والأبناء (ثلاثة أبناء هم ناصر وعزة وعنود وستة أحفاد) والمشاركة هنا وهناك ‏بتأسيس أو توجيه بعض المحطات الإذاعية أو التلفزيونية الجديدة لنقل خبراتهما المتراكمة إلى ‏الأجيال اللاحقة. ‏