نوافذ ثقافيّة

نوافذ ثقافيّة

محمد سلّام جميعان

شاعر وناقد أردني

mjomian@gmail.com

ثقافة عربيّة

بين الطبّ والسّياسة/ د. زيد حمزة

تُعدُّ المذكّرات واحدة من الداولّ الحيّة والشاهدة على ما مرّ بالأشخاص والدول من قضايا وأحداث. وينطلق ‏د.زيد في مذكراته التي تقع في 284 صفحة، من بواعث ثلاثة؛ عربية تمثّلت في ما يسمى الربيع العربي، ‏ومحليّة، وفي مقدّمتها الإشكاليات والطروحات المختلفة والمتباينة المتعلقة بالمفاعل النووي الأردني، ‏والمطالبة بالإصلاح السياسي والإداري، وذاتيّة شخصيّة تتعلق بمسيرته الحياتية والمهنية، وفي هذا الجانب ‏الأخير يضيء صاحب المذكرات عن أسباب تجنُّبه العمل الحزبيّ واهتمامه بتطوير قدراته المهنيّة. ‏

وتبدو المسافة التي تجمع الطبّ بالسياسة -في هذه المذكرات- رهيفة جدًا، فالفعالية الاجتماعية والنقابية ‏والطموح المهني، أمور ليست معزولة عن السياسة، إذ تبدو بمثابة غرف متجاورة في شقّة واحدة.‏

وتتمتَّع هذه المذكّرات بصياغة أسلوبية ذكية، إذ إنها لا تعبأ بالسرد التفصيلي لكلّ واقعة تأتي على ذكرها، ‏وإنما تكتفي بالإلماح الشفيف الذي يعوّل فيه كاتبها على استشفاف القارئ لأبعادها وما هو مسكوت عنه ‏فيها. فالدَّور الإصلاحي سياسيًا ومهنيًا ما زال هو الهاجس لكاتبها الذي ما زال يصدع بنهجه في ما يوافق ‏وما يعارض، ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا. لهذا تنجو هذه المذكرات ممّا تنطوي عليه مذكرات سياسيين ‏آخرين، من الميل إلى تبرئة ذممهم وذواتهم ممّا كانوا فاعلين حقيقيين فيه، أو شركاء فيما آلت إليه ‏الأمور. ولعلَّ المفارقة ذات الصلة بالجانب الذاتي التي يكتشفها القارئ، هي تلك الوشيجة ما بين طبريا ‏وعجلون.‏

 

الملاحم والأساطير/ موسى سليم الشديفات

يطوف هذا الكتاب في مساحات واسعة وأزمنة متباعدة، تجلّى فيها الفكر الإنسانيّ وما نتج عنه من ‏حضارات وفلسفة الدين في ميدانيّ الأساطير والملاحم. ففي مقدِّمة الكتاب يقف الباحث على التعريفات ‏المتعددة للأسطورة في المعاجم ولدى الباحثين الآخرين عربًا وغربيين، ومن خلال مدارسة أقوالهم يربط ‏الأسطورة بالدين والعلم والفلسفة والشعر، ويكشف عن موضوعاتها وأنواعها، وخصائص التفكير الأسطوري، ‏ومناهج دراسته، ويفصّل القول في ما بين الأسطورة والخرافة من فروقات. وبالطريقة المنهجية نفسها ‏يتحدّث عن الملاحم، ويسرد للقارئ أهم الملاحم التي شاع تداولها بين الأمم والشعوب. ‏

ويقف الباحث على أدب الخيال العلمي وعلاقته بالأسطورة، في سبيل ربط الماضي بما وصل إليه العقل ‏الإنساني من رقيِّ في أنماط التفكير. ففي حفرياته اللغوية في هذا الموروث الإنساني، استطاع الباحث ‏تفكيك المفردات والمقولات والظواهر والممارسات الاجتماعية، للوصول إلى الجذور الأصلية المؤسسة للعقل ‏الثقافي، كما تمكَّن من تسليط الضوء على كيفية انتقال المفردات بين الأجيال المتعاقبة، كاشفًا عن ‏الركائز التي تجلّت في لغات أديان الشرق الأدنى، وأديانه.‏

ويبدو جليًّا الجهد المبذول في هذا الكتاب في التحليلات الإضافيّة التي أغنى بها المؤلف فهم القارئ لكل ‏أسطورة أو ملحمة تحدَّث عنها في كتابه، فالتأليف لدى الباحث هنا محاورة للنص وليس استقبالًا أعمى له. ‏وهو ما يميز هذا الكتاب عن سواه مما هو في موضوعه. لكن على القارئ أن يتنبه إلى الإزاحة النسبيّة ‏الحادثة في أرقام الصفحات بين ما هي عليه في الفهرست وما هي في متن الكتاب.‏

 

الرواية والفلسفة/ إعداد وتقديم: د. زياد أبو لبن و د. زهير توفيق

هذا الكتاب ثمرة ونتاج المؤتمر الثامن الذي عقدته جمعية النقّاد الأردنيين، لمقاربة اشتغال الروائيين ‏بالمعادلة الفلسفية، للخروج بالسرد الحكائي من البُعد اللغوي الجمالي المحض، ليحمل هذا التأمُّل بُعدًا ‏معرفيًا، تسهم الفلسفة في إضاءة خلفيات النصّ ومرجعيات الكاتب، وهو ما شكّلته مرحلة ما بعد الحداثة ‏بعد أن تداخلت الأجناس الأدبية وانتقل الروائيون من مرحلة التجريب إلى مرحلة التعمُّق في مناحي ‏المعرفة، سواء ما اتصل بالحدث والفكرة أو الشخصيات أو الزمن بعيدًا عن الشكلية الروائية التقليدية التي ‏تقوم على التسلويّة والدراميّة.‏

‏ تكشف البحوث( 13 بحثًا) التي يتضمّنها هذا الكتاب، العلاقة الجدلية بين الرواية والفلسفة، كما تكشف ‏أبعاد المثاقفة في الخطاب النقدي التنظيري والتطبيقي باشتمال الكتاب على أدباء عرب وغربيين، لمقاربة ‏إشكالية القضية الروائية والفلسفية. ولعلّ القارئ يجني مزيدًا من الإضاءات على هذه القضية من خلال ‏الشهادات الإبداعية التي قدّمها روائيون أردنيون وعرب، تلاها تعقيبات وحوارات أغنت الرؤية للموضوع من ‏أقطاب أطرافه.‏

يؤسِّس هذا الكتاب لفعل ثقافي يمكن أن يكون أوسع وأشمل فيما لو تضافرت جهود النقّاد والأكاديميين ‏والمؤسسات المعنيّة بالفلسفة، بعد أن اتَّسعت مذاهب النقد وتيارات الفلسفة، لملامسة البنى المعرفية التي ‏تتصل بقضايا مثل الاغتراب والموت والحبّ والجمال.‏

 

ثقافة عالميّة

ما الذي حدث؟/ هيلاري كلينتون، ترجمة:أسامة أسعد وآخرون

ماذا فى جعبة أشياء كثيرة أفصحت عنها أول امرأة يرشحها حزب رئيسي لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية ‏بعد تحررها من القيود السياسية. ويجد القارئ حيثيات ضافية كشفت فيها المؤلفة عقدة الذكورة في المجتمع ‏الأمريكي، وإثارة ترامب لقضية بريدها الإلكتروني، وتورط ترامب مع الروس، وعلاقتها المتوترة ببوتن، ‏مقابل علاقتها الجيدة بأوباما. ونشر وثائق ويكيلكس وتأثير شعبيتها في الانتخابات بتداعيات هجوم ‏بنغازي عام 2012 الذي راح ضحيته السفير الأمريكي وأربع أمريكيين‎.‎

تقول في سياقٍ آخر: عندما أعلن ترامب ترشحه الفعلي عام 2015 ظننت، مثل الكثير أنها مزحة، وقد ‏تحول من شخصية دائمة الحضور في صحافة الفضائح الصفراء، إلى يميني غريب الأطوار، رهينة هوس ‏دونكشوتي... " وتضيف في مكان آخر: " كانت الأوضاع في أمريكا أفضل بكثير مما كانت عليه في أي ‏دولة عظمى، ولكن كان هنالك الكثير من عدم المساواة، والقليل من النمو الاقتصادي، فقد بدا التنوع ميزة ‏تحفز على الإبداع وتبث الحيوية، ولكن سرعة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية أقصت الذين لم يتمكنوا ‏من مواكبة التطورات الهائلة بالسرعة المطلوبة فشعروا بالعزلة. إنّ موقعنا في العالم قوي، ولكن كان علينا ‏التعامل مع خليط متفجر من الإرهاب والعولمة والتطور التقني الذي يغذيها‎.‎‏"‏

قسمٌ كبير من هذا الكتاب يلقي الضوء على حيثيات ترشّح كلينتون لمنصب الرئاسة/ وفي هذه الحيثيات ‏تجلية لدوائر الصراع في الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وكذلك ما يتصل بالسياسة الداخلية والخارجية ‏الأمريكية، وانعكاساتها على القضايا العالمية حروبًا واقتصادًا.‏

وتشير كلينتون في هذا الكتاب إلى أن حياتها السياسية كان بها الكثير من المواقف التي تفخر بها ‏كمواطنة ملتزمة وناشطة مهمة، فخلال حياتها السياسية كان عليها مواجهة اللوبيات وانتقادات المتظاهرين ‏والمحتجين، وتُذّكر نفسها بالفرق بين الجلوس في الطرف الأخير من الطاولة والنزول إلى الشارع بلافته أو ‏مكبر صوت.‏

كثيرة هي التفاصيل التي ينتظرها القارئ وتروي ظمأه في هذا الكتاب.‏