مقدمة الملف:‏ المعرفة ومصادرها: ‏ من المورثات البيولوجيّة إلى تشكيل العقول

 معاذ بني عامر

باحث في الدراسات الفكرية والفلسفية/ الأردن

 

 

يَتَضَمَّنُ هذا الملفّ عن المعرفة ومصادرها محاولات لمعالجة الموضوع من الزوايا التالية: ‏البيولوجية، الفكرية، الدينية، الآخر، القراءة أو العقل العالِم، والمنظور الاجتماعي التطوُّري ‏لانتقال الأفكار. وهو نقطة انطلاق وليس نقطة ارتكاز من جهة؛ ومن جهة ثانية هو ملف ناقص.‏

يَأْتي نقص هذا الملف من زاويتين:‏

الأولى بنيويّة، فالمعرفة ومصادرها لا يمكن حصرها بما طُرح في هذا الملف على وجهٍ أخير، ‏بل هي خيار مفتوح على الحيوات الإنسانيّة على إطلاقها.‏

والزاوية الثانية أنطولوجيّة، فالمعرفة لا تكتمل بالنسبة للإنسان على المستويين الفردي ‏والجمعي إلا بالنقص. فكلما زادت معارف الإنسان الجزئيّة تأكّد من نقص فادح في معارفه ‏الكُليّة؛ وكلما زادت معارف البشريّة الجزئيّة كلما تبيّن ضحالتها أمام المعرفة المُطْلَقة. ‏

من ثمَّ، فإنّ هذا الملف -كما أشرت أعلاه- نقطة انطلاق وليس نقطة ارتكاز. الارتكاز يعني ‏اعتباره رُكنًا يُستنَدُ عليه، وهذا شيء خاطئ من ناحية، ومُعيب من ناحية ثانية. خاطئ لأنه ‏يقضي على فكرة التنوُّع الخلّاق ويحصرها في مسارات ناجزة ابتداءً، ومُعيب لِما ينطوي عليه ‏من إهانة للعقل البشري في مواضعاته المعرفيّة، فثمّة معارف بعينها هي المرجعيّة القصوى لأيّ ‏تقدُّم معرفي آخر. ‏

أمّا اعتبار هذا الملف نقطة انطلاق، فذلك منسجم مع نسبيّة المعرفة وليس يقينيّتها، فالارتكاز ‏ينشئ شعورًا بالفوقيّة، في حين أنَّ الانطلاق ينشئ شعورًا بالأفقيّة، فقد ينطوي الملف على ‏إشارات/ إلماحات، تكون عونًا للآخرين في انطلاقة جديدة، لا تفتأ تتوالد بشكلٍ دائم. فهو يشمل ‏على ست مقالات تقارب المعرفة ومصادرها من ست زوايا: ‏

‏1-‏ الزاوية البيولوجيّة. ‏

‏2-‏ الزاوية الفكريّة.‏

‏3-‏ الزاوية الدينيّة. ‏

‏4-‏ زاوية الآخر. ‏

‏5-‏ زاوية القراءة أو العقل العالِم. ‏

‏6-‏ المنظور الاجتماعي التطوُّري لانتقال الأفكار.‏

في الزاوية الأولى كتبت "روان عبد" مقالة موسومة بـِ(البيولوجيا وتداعياتها على معارفنا)، وفي ‏الثانية كتب "معاذ بني عامر" مقالة بعنوان (المعرفة وصانعها: جدل الهُويات)، وفي الزاوية ‏الثالثة كتب "د.عامر الحافي" عن (النص الديني ومصادر المعرفة)، أمَّا الزاوية الرابعة فكتب ‏فيها "د.عامر بدران" عن (العدو كمصدر للمعرفة)، وفي الخامسة نقرأ لـِ"د.جمال مقابلة" مقالة ‏عن (القراءة وتحقيق الذات)، وفي الزاوية السادسة كتب "معاذ قنبر" عن (الثقافة من منظور ‏بيولوجي).‏

بما يُبقي الباب مفتوحًا أمام مقاربات جديدة في المواضيع ذاتها من ناحية، وفي أخرى غيرها من ‏ناحية ثانية.‏