ملامحُ المشروع الفكريّ لإبراهيم العجلوني.. كنزٌ استراتيجيٌّ وشواخصُ هادية

سامر المجالي
كاتب وباحث أردني
أولاً: السؤال
ما زال إبراهيم العجلوني -رحمه الله- حالةً لم تُرصَد معالمها بعد؛ إذ يكاد المرء لا يجد خلافًا على أنَّه أحد أفذاذ صنعة العقل ؛ فهو مفكِّرٌ ثاقب النظرة، وأديب رائق الحرف، وشاعر متقن السَّبك، وضليعٌ في فنِّ المقالة الصحفية؛ غير أنَّ فهمنا له ولدوره الذي لعبه حيًّا ويمكن أن يلعبه ميتًا؛ دون ما يستحقه. ولعلَّ السنوات الخمس الأخيرة من عمره؛ التي كنت خلالها قريبًا جدّاً منه، والثلاثين التي سَبَقَتْها متابِعًا له، هذا القرب والإعجاب حالا بيني وبين السؤال الذي يقول: ما معالم المشروع الفكري لإبراهيم العجلوني؟ وفيمَ تكمن أهمية هذا الرجل؟
ولعلَّ من أسباب تأخر السؤال أنَّ إبراهيم موسوعيٌّ وله ذاكرةٌ حافظة، أفكارُه شلّال ودروبُه شِعاب؛ يشغلك كلما رأيتَه بفكرة جديدة أو يكشف لك قناعَ شخصية من الشخصيات المحسوبة على صنعة الفكر؛ لذا يحتاج المرء إلى إجازة منه كي يتمكن من النظر إليه بموضوعية، وليت تلك الإجازة تأخرت وأنَّه ما زال بيننا يشعُّ معرفةً ويجيش عاطفةً ومحبة..
ثانياً: الثمرة
لننظر الآن في صفّات الثَّمرة التي قدَّمَها مفكرنا..
يصف إبراهيم العجلوني كتابه "إسلام ومسلمون" في تعريف مقتضب بالقول: "يجمع بين سوانح هذا الكتاب ومقارباته أنَّها، وعلى ظاهر تنوُّعها، معقودة الأواصر بالإسلام؛ دينًا وحضارةً ورسالةً إنسانيَّةً، وبالمسلمين؛ تاريخًا وحضارةً ومستقبلاً" .
ويقول د. عزمي طه السيد في تقديمٍ للكتاب نفسه: "هذا الكتابُ ينبئ عن شخصية صاحبه واهتماماته وهمومه. إنَّه يقول إنَّه كاتب أديب، ومفكر حصيف، ملتزم بقضايا أمّته وهمومها، مسكون بهاجس نهضتها ومشروعها النهضوي، ومنشغل بالسؤال الكبير: كيف لهذه الأمة أن تستعيد عزّتها ودورها الحضاري الذي عاشته ردحًا من الزمن غير قليل" .
هذا الذي سبق، يعرفه من عاشر إبراهيم العجلوني ساعة واحدة أو قرأ له فصلاً من كتاب؛ فهو المشغول دائمًا بمكانة أُمَّته الحضارية؛ الذي نقَّب في فلسفتها وآدابها، وتتبَّع سِيَر أعلامها، وآمن بخصوصيتها التي تخوّلها أداء دور كونيٍّ تُخرج به الناس من الظلمات إلى النور.
وفي سبيل ذلك، ساح العجلوني أيضاً في آداب الأمم الأخرى وفلسفاتها، وقدَّم رؤى نقدية رصينة تسلَّحت بمثل الإسلام العليا، فأشرفت على الآخر من علوٍّ سامق، ووقفت منه موقف الندّ، بل موقف المعلم الخبير صاحب الرؤية الحضارية.. فكان، بهذه الروح، حلقة في سلسلة من المفكّرين الأعلام الذين كرَّسوا أنفسهم للدعوة لمجد الإسلام ، ونذكر منهم: محمد إقبال، وشكيب أرسلان، ومحمود عباس العقاد، وأحمد أمين، ورفيق العظم.
لنستمع إليه يقول في نفرٍ من المفكرين العرب والمسلمين ذوي موقف مهزوز أمام الآخر: "إنَّنا نقرأ (نظام الخطاب) لميشيل فوكو؛ الفرنسي المعاصر، فنراه يعود إلى طاليس وأرسطو، وإلى أسبرطة وأثينا. ونراه يوقظ أصوله من الرميم، وينشئ خطابه عليها غير مبالٍ بأحد من العالمين، على حين نجد باحثينا في تلدُّدٍ وحيرة وفي كربٍ وبلاء عظيمين وهم يدبّجون مقدماتهم الاعتذارية بين يدي أيّ حديث عن أصولهم الحيّة القوية، حتى لكأنَّها ضربة لازب أن يعتذروا، وأن يتضاءلوا، وأن يستشعروا الضعف ويستيقنوا الإخفاق" .
ولولا ضيق المساحة لأوردت عشرات الأمثلة التي لم يترك فيها العجلوني شاردة وواردة من شؤون التراث والعلاقة بالآخر، وشكَّلت هاجسه حتى آخر يوم من حياته.
وقد نبَّه د. سحبان خليفات -رحمه الله- في تقديمه للأعمال الفكرية الكاملة لإبراهيم العجلوني إلى هذا الملمح الدقيق عنده؛ أي مطاولة الآخر والاعتداد بالرسالة التي تحملها أمة الإسلام للعالمين؛ إذ إنَّ أزمة الفكر العربي -بحسب د.سحبان- تكمن في غياب الأنا العربية القادرة على تقديم موقف متوازن يصل تراثها بعصرها الراهن، وهو ما يُعزَى في جانب من جوانبه إلى غياب الروح النقدية، وإلى القبول غير المشروط بالثقافة الغربية على ما فيها من تناقضات وإشكاليات.. هنا يصف د.سحبان إبراهيمَ العجلوني قائلا: "وقد فطن الكاتب منذ المقالة الأولى إلى الوقائع السابقة".. فأثمرت هذه الفطنة الروح التي لازمته حتى آخر يوم حياته؛ أي: "أن نمتلك أيديولوجيا ونتسلح بموقف نقرّر من خلالهما ما نأخذ أو نترك من التراث أو الثقافة الغربية.. المهم أن تكون الأيديولوجيا أيديولوجيتنا نحن، أو الموقف موقفنا نحن، لا أيديولوجيا مستوردة وموقفًا مستعارًا" .

ثالثاً: رجل التراجم الفكريّة
لذا، أدرك إبراهيم أنَّ الأمر المنوط بالمفكر الحق أخطر من نقض الفكرة المقابلة فحسب، فهو بنيانٌ يجب أن يُشاد على أسس سليمة. حينذاك ساح في التراث، فاختصَّ بدراسة رجاله وتمحيص مناهجهم مقدِّمًا مزيجًا من الشخص وأفكاره، بل آمن أنَّ الشخص هو أفكاره.. فحفلت كتاباته بتراجم فكرية لمئات من المفكرين المسلمين والغربيين، ووضع إصبعه في كثير منها على جوهر الشخص النفسي والمعرفي. وكانت آلته في ذلك؛ إمّا مقالات مكثَّفة تشير إلى سعة اطّلاع كاتبها ولا تُخلُّ بالموضوع، وإمَّا ملاحظات هي بين المقالة والدراسة في عدد كلماتها. ويمكن العودة لكتابه "شيء من الفلسفة" للاطلاع على مجموعة كبيرة من المقالات المقتضبة التي تناول فيها مفكرين مسلمين وغربيين منهم على سبيل المثال: أبو حيان التوحيدي في مقالة "صحافة فلسفية"، تاج الدين السبكي في مقالة "في مسارح العقول"، ابن سيد البطليوسي في مقالة "بين المعلم والفيلسوف"، هنتر هيد في مقالة "مدخل إلى علم المنطق"، الفيلسوف أبو الحسن العامري في مقالة "شذرات من الفيلسوف العامري"، حسن حنفي في مقالة "حسن حنفي قائد فيلق السياسة".
ولقد أحصيتُ ما يقرب من ثلاثين مقالة من هذا النوع في ذاك الكتاب وحده .
بل إنَّ الأمر يبدو أوضحَ في كتابه "إسلام ومسلمون" الذي تناول فيه مشاريع كاملة لكُتّاب من أمثال محمد أركون، وعلماء حديث نبوي من أمثال شعيب الأرناؤوط، ومفسِّرين من أمثال الشيخ محمد متولي الشعراوي.. وكذلك الأمر في "وحي الآفاق" الذي نجد فيه أنَّ مفكراً مثل أبي الريحان البيروني أو إدوارد سعيد أو ابن خلدون، قد قُدِّم للقارئ في ثلاث صفحات مكثفة تكثيفاً شديداً . ولعلَّ آخر كتبه التي أصدرها -رحمه الله- "هذه الكتب القيمة.. ملاحظات أولية" هو أحد تجليات أسلوبه هذا، لكنه توسَّع قليلاً فيه، فتخطّى أسلوب المقالة الصحفية إلى ما أسماه "ملاحظات أولية"، وهي نصوصٌ لم يتجاوز أكبرها حجماً خمسة آلاف كلمة ، تناول خلالها ستة من المفكرين المنتمين إلى سياقات زمانية ومكانية متباينة، جميعهم تناول الإسلام أو رسوله، وهم: علي سامي النشار في كتابه "نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام"، ابن حزم الأندلسي في كتابه "الفصل في الملل والأهواء والنحل"، كارين أرمسترونغ في كتابها "الإسلام في مرآة الغرب"، آنا ماري شيمل في كتابها "وأشهد أنَّ محمداً رسول الله"، ونظمي لوقا في كتابه "محمد الرسالة والرسول"، وأبو الحسن العامري في كتابه "الإعلام بمناقب الإسلام".
وبالأسلوب نفسه نجد ما قدمه -رحمه الله- في أعماله الفكرية الأخرى مثل: "مسلمات في ضوء التحقق"، "نحن وثقافة المستقبل"، "في الفلسفة والخطاب القرآني"، "فصول في الفكر العربي"، وسواها، فثمة فكرة مكثّفة وعميقة، وتراجم، تُقدَّم كلها في أقل عدد ممكن من الكلمات، وتصلح أن تكون دليلاً هادياً لمن أراد الاستزادة..

رابعاً: صاحب القلب الجيّاش
إلى ماذا يأخذنا هذا الكلامُ؟
لعلّنا لن نفهم إبراهيم المفكّر إلا مروراً بإبراهيم الأديب والشاعر المتدفق، ثم نقرن هذا الفهم الذي وجدناه في الورق بمعرفتنا الشخصية به، محاولين الخروج بفكرة ما.
يقول في قصيدة من ديوانه "تقاسيم على الجراح":
"عينايَ شُرفَتا أسى على مواجع المدينةْ
بحيرتا شوق يموت الموت في غوريهما وتورق السكينةْ
وتهمس الأصداف في شطيهما أغنية حزينةْ
مترعةً بحرقة الأرض ولعنة السماءْ
تبحث عن قرارها ولا قرارْ" .
أسى وهمس وحزن وشعور بالمسؤولية.. ذاك هو إبراهيم الحقيقي للذين لم يعرفوه عن قرب. إنَّه كتلةٌ متدفقة من المشاعر، يختزنها في باطنه ثم يُخرجها على الورق..
ويمكن لنا أن نعمِّم هذا على أشياء كثيرة؛ منها -على سبيل المثال- موقفه السياسيّ ذو الشحنة الهائلة واليقينيات التي جعلته على مبدأ لم يتزحزح عنه طوال عمره، فهو وحدويٌّ، ومسلم، وعروبي، وأردني صميم، وله موقف إيجابي جدّاً وداعم للعلاقة الخاصة التي ربطت الأردنيين بالعائلة الهاشمية.. يقول في مقالة له بعنوان "هاشميون في أرض الرباط": "وكما انجابت ظلمات الجاهلية للعرب بأنوار هذا السراج لأول التنزيل ومبعث الرسول، فإنَّ ظلمات الجاهلية المستحكمة اليوم لن تنجاب إلا بأنواره (...) وهذا ما نرى في ضوئه عِظَم المسؤولية على العرب دون الأمم، وعلى أهل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دون غيرهم، وعلى الهاشميين الذين ألقوا رحالهم في هذا البلد العربي الأمين الذي شرُف بأن يكون معسكر الفتح الإسلامي الأول وملتقى المرابطين في سبيل الله في أكناف بيت المقدس" .
ولا أكشف هنا سرّاً إن قلت إنَّ إبراهيم كان في آخر سنتين من عمره عاكفاً على كتاب يتناول سيرة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- ليقدِّم إلى العالم بعضاً من نورانيته وبهائه، ويُفنِّد ما نُسب إليه من ادعاءات على يد مفكرين عرب أو غربيين على حدٍّ سواء. ولقد هالني ما أنجزه -ذهنياً- من اطّلاع وتمحيص في سيرة المفكر الفرنسي "فولتير" الذي كان في بواكير حياته معجباً بشخصية النبي الهادي، ثم انقلب على مبدئه إثر إكراه أو إغراء واجهته بهما الكنيسة في ذلك الزمان، فشنَّع على شخصية الرسول الكريم في مجموعة من أعماله الأدبية.
لقد نقض العجلوني في غير حديث جرى بيني وبينه ادعاءات التنوير التي تُنسب جهلاً إلى "فولتير" بعد أن ثبت تواطؤه وتأدلجه ووقوفه في خندق العداء السافر للآخر وحضارته. ولكم سعدت وملأني الأنس به وأنا أرافقه إلى مكتبات عديدة باحثَين عن قاموس فولتير الفلسفي، ثم مساعدتي له في طباعته عند إحدى المكتبات بعد أن حمَّلته له من الشبكة العنكبوتية حين يأس من العثور على نسخة ورقية منه.
ولنستمع إليه يصف نفسه في كتابه "أحزان مسيحية" الذي هو أقرب إلى سيرة ذاتية مشحونة بالتأملات واستنطاق الماضي: "ولست أعلم -لشقوتي- كيف يتفق لي أن أكون عقلانياً موزوناً فيما يتعلق بالآخرين، ثم لا ألبث أن أكون طفلاً حائراً لا يعلم كيف يعتني بنفسه" .. ويقول في نصٍّ آخر شديد الكشف: "تصعيد الإحساس بالكرب الذاتي إلى مستوى المقولة الذهنية التي تقبل الأخذ والرد قد يكون لوناً من التحايل على هذا الكرب، ولكنَّه لا يكون، ولا بأي حال، مواجهة له أو تعاملاً مباشراً معه.. وقد أمسكت بنفسي متلبساً بهذا الهروب مراراً، بل أكاد أذهب إلى أنّني أدمنت هذه اللعبة" .
كان إبراهيم رجلاً جوانيّاً ذا عاطفة امتدت آثارها إلى أعماله الأدبية والفكرية معاً؛ أي أنَّه -بتقديري الشخصي- كان يكتب مشحوناً بتلك العاطفة التي قادته إلى سيرة الرسول الأعظم وإلى صحابته ورجال الفقه والاعتزال والكلام والفلسفة، وإلى المحدثين من النابهين كالمنفلوطي والعقاد والمازني وطه حسين، وإلى سبينوزا وفولتير وكانط ونيتشه وآن ماري شيمل، وغيرهم كثيرون.
ولعلَّ هذا الجانب المهم في شخصيته هو الذي رسم له طريقته في التعبير؛ فهو رجل مقالات ودراسات مقتضبة، يشعر فيكتب، يفرح أو يغضب، يبكي أو يسعد، فيفرغ حالته على الورق.. عقله تابع لقلبه، خواطره كثيرة، ووجدانه في تدفق مستمر. تحكمه الحالة، فإذا ما استودعها الورق انتقل إلى غيرها، والسوانح لا تطول، ومن ثم تناسبها هذه الطريقة المكثفة من طرق التعبير.
خامساً: هذا ميزة أم عيب؟
إجابتي عن هذا السؤال رأيٌّ شخصي أحاول فيه أن أكون موضوعيّاً قدر الإمكان.. وملخص رأيي أنَّه لا يمكن النظر إلى أي مفكر بمعزل عن محيطه الممتد في الزمان والمكان، فثمة أدوار نلعبها جميعاً داخل سياقات كبيرة، ليشكّل أحدنا تفصيلاً صغيراً في لوحة فسيفسائية هائلة.
إبراهيم العجلوني بمواصفاته المذكورة آنفاً كنزٌ استراتيجيٌّ خطير؛ إذ ليس مطلوباً من كل مفكِّر أن يرأس مذهباً ويترك وراءه مدرسة ومريدين. إنَّ آلة الفلسفة تراكمية، وهي -حين تكون مشروع أمة- عمل تتجلّى فيه روح الفريق.. هذا النوع من الأشخاص توظّفه تلك الآلة ليؤدي دوراً يشبه دور ضابط الإيقاع؛ أو الدليل المرشد الذي يوثَق برأيه.. إنَّه صانع شواخص تمهّد الطريق لأقرانه وللمفكرين القادمين من بعده، فتقدم لهم نوراً هادياً عند كل منعطف من منعطفات الطريق الذي يسيرون عليه؛ يفتح أبواباً مغلقة، أو يُذكّر بشيء غائب عن الذهن، أو يدحض فكرة سائدة لم تلقَ نصيبها من النقد والتمحيص، أو يكشف الأقنعة عن وجوه مارست الخداع على الآخرين.
لقد كانت زاويته في صحيفة "الرأي" من أثمن ما قد يبدأ به مثقفٌ صباحه. ومن عظيم صنيعه في آخر عمره أنَّه أرشف معظم مقالات تلك الزاوية التي دامت ما يزيد على أربعين عاماً، وأصدرها في مجموعة من الكتب لتكون رزقاً حلالاً طيباً تناله الأجيال القادمة من بعده.
والأمم بحاجة إلى مثل إبراهيم لسببٍ إضافي؛ ذلك أنَّ مفاتيح النهضة والسيادة مستودعةٌ في قلوب الرجال وهممهم.. الإرادة تسبق التفلسف بمعناه الضيّق الذي ينتجه عقل بارد يجلس ليحلِّل الأشياء من وراء حجاب.. نهضة الأمم تصنعها إرادة الرجال وعواطفهم الجياشة وطموحاتهم الحارقة، ثم تأتي الثمرات بعد ذلك فتقطفها الأمم علوماً ونظريات..
لقد وحَّدت أثينا وأسبارطة جهودهما العسكرية فانطلق جيشهما يحقق انتصارات مذهلة على الفرس أيام الإمبراطور "داريوس"، فما أتى العام 470 قبل الميلاد إلا وهم أهل سيادة على البر والبحر في معظم أرجاء العالم القديم.. بعد ذلك جاء سقراط وأفلاطون وأرسطو وزينون وغيرهم من أعلام الفكر الفلسفي في اليونان القديمة .
والأمر نفسه حصل عند العرب والمسلمين.. لقد أسقط المسلمون دولة الفرس، وأخرجوا الروم من الشام ومصر، وأسّسوا دولتهم في الأندلس، ثم مضى من الزمن ما لا يقل عن مئة وخمسين عاماً قبل أن تؤتي الترجمات أكلها، ويظهر أول فيلسوف معتبر؛ هو الكندي المتوفى في العام 265 للهجرة.
وساح الأوروبيون بأساطيلهم في بلدان العالم ومحيطاته، واستعمروا مناطقَ كثيرة، واقتحموا مجاهلَ مخيفة، ثم بعد قرون ظهر روسو وسبينوزا وكانط وهيغل ونيتشه، وسواهم من أفذاذ الفلاسفة..
لقد ترك إبراهيم نقشاً في ذاكرة الثقافة، ويجدر بنا ألّا نهيل التراب على هذا النقش كما أهلناه على صاحبه في يوم كانونيٍّ حزين.
 


. ظهر هذا الأمر بوضوح في وسائل التواصل الاجتماعي حين وفاته، إذ نعاه المؤيدون والخصوم مجمعين على قيمته الفكرية الكبيرة.
. إبراهيم العجلوني، إسلام ومسلمون، ب.ن، ط1، 2018، ص7.
. نفسه، ص9.
. بهذا الصدد يُنظر: د. محمد رجب البيومي، النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين، دار القلم والدار الشامية، ط1، 1995، ص6-7. وفيه أشار المؤلف إلى المسارات العامة التي انتهجها مفكرو الإسلام المعاصرون في خدمة الإسلام والعمل على تمكينه حضاريّاً، فمن مكافحٍ للمحتل، إلى ذائد عن الشريعة، إلى عامل على إحياء اللغة العربية، إلى مختص بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى مهتم بإبراز مناقب أعلامه.
. إبراهيم العجلوني، في مرآة الإسلام.. فصول في الفكر والأدب، دار البشير ومؤسسة الرسالة، ط1، 1990، ص47.
. مقدمة د.سحبان خليفات في: إبراهيم العجلوني، الأعمال الفكرية، المجلد الأول، دار ورد الأردنية للنشر والتوزيع، ط1، 2012، ص12.
. انظر: إبراهيم العجلوني، شيء من الفلسفة، ب.ن، ط1، 2019.
. ذُكر هذا المرجع سابقاً.
. إبراهيم العجلوني، وحي الآفاق، أروقة للدراسات والنشر، 2015، الأجزاء 1، 2، 3.
. صدر هذا الكتاب عن دار الخليج للنشر والتوزيع في عام 2022.
تنبيه: الفكر والأدب لا يُكالان بعدد الكلمات، لكنني أشير إلى هذه السمة في منتج إبراهيم العجلوني الفكري لما لها من صلة بتكوينه الوجداني.
. إبراهيم العجلوني، الأعمال الأدبية، دار ورد الأردنية للنشر والتوزيع، ط1، 2009، ص22. عنوان القصيدة "زغرودة الألم".
. إبراهيم العجلوني، في الثقافة الأردنية.. الرؤية والواقع، د.ن، 2019، ص23.
. الأعمال الفكرية، المجلد الثاني، ص315.
. نفسه، ص313.
. انظر: ول ديورانت، قصة الفلسفة من أفلاطون إلى جون ديوي، ترجمة: د.فتح الله محمد المشعشع، مكتبة المعارف، ط1، 2004.